إنها البلاد المأهولة بالحب، يدخلها الساعُون إلى جعل الحياة مناسبة فرحٍ دائمة، ويركن إلى شواطئها المسكونون بالحنين إلى حضن السلام، في صباحاتها تبزغُ أغاني الأطفال ترنيمةً يتفتحُ لها زهر الأمل، وفي مدارسها يكبرُ نشيد الوحدة باعتبارها أصلاً ومنبتاً ودرباً يكلل مسعى السائرين فيه إلى معانقة الأحلام، إنها الإمارات التي تلبسُ ثوب عرسها الخمسيني وهي أكثر نضجاً في التحلي والتزين بالثقافة والعلم، وتذهب إلى المستقبل كأنها تشعلُ شمعته وتبث فيه نكهة الماضي وروعة وحكمة من أسسوا للضوء في هذه البلاد وسقوا أشجار المحبة بعرق صبرهم وتفانوا في غرس براعم الأمنيات في كل شبر من هذا الوطن، وحين قام الاتحاد، ارتفع علم انتماء القلوب إلى القلوب، صارت اليد الواحدة ألف يد، وتكاتفت زنود الرجال لبناء وطنٍ جذره الأصالة، وأغصانه الأيادي المفتوحة للعناق، وعرساً بعد عرس، تراكمت سيرة الذهاب إلى المستحيل كأنه يحدث الآن، نعم الآن، حيث في كل لحظة تتفتح زهرة ضوء جديدة وتشرق في كل ركن شمس إنجاز جديد ومختلف.
وهي الإمارات، الظبية التي وُلدت لتسابق الريح في قفزها نحو السمو والفخر والتمتع بجمال الحياة وروعة أيامها، يشدّك معمارها لتقرأ إرادة الإنسان التي لا تعرف حداً ولا سداً، الإنسان الذي بنى أطول ناطحة سحاب في العالم ورفع فوقها علم وطنه متباهياً به بين الأمم. الإنسان الذي أمسك الماضي في يد والمستقبل في يدٍ أخرى ومشى متوازناً بهما على خط الحضارة، فكان الأسرع في اكتشاف الجمال، والأقوى عند اشتداد ريح التآمر، والأكثر حكمة وصبراً عند انقلاب الأيام وارتفاع غبار التخلف والتراجع وإدمان الندم، وبالحكمة المتأصلة والموروثة أباً عن جد، ظلت سفينة الاتحاد لا تخطئ دربها رغم اشتعال الحرائق على الجانبين، وبدلاً من الحسرة، ذهب إنسانها إلى ارتياد الآفاق مرتقياً فوق النجوم رائد فضاء يسهم مع العالم في اكتشاف سحر وسر المجرة، وذهبت المرأة إلى الوقوف قرب أخيها الرجل في كل ركن وزاوية وأفق عمل، فاعتدل ميزان المجتمع، وتحصّنت حدوده بالمحبة وببأس من رهنوا حياتهم للدفاع عن ترابه وكل شبرٍ فيه، هكذا ارتفعت مظلة الأمان حتى جاء ليستظل تحتها الملايين من البشر من كل الجنسيات وكل قارات العالم.
كلُّ قدم وقفت يوماً على أرض الإمارات، أدرك أصحابها أن هذه البلاد مأهولة بالمحبة، ونهر الخير الذي يجري في ربوعها، إنما ينبع من أصالة أهلها وناسها.