للأسد حكاية فريدة مع اصطياد مفردات الحياة، وله في المثل مملكة تسيده على نوائب الزمان، وعاقبات الجوائح، إنه في الذروة القصوى، حاكم يدلي بالأفكار كأنه الخيط في إبرة الحكمة، كأنه الهدب في ظلال العيون، كأنه الشدو في أثير العمر، كأنه الرمح في قوس النزال، كأنه الضرغام في أحاديث الليالي المدلهمة، كأنه الميسم في كل الحالات، كأنه الإكسير في لحظة الألم.
قالها الفارس عبر قصيدة عصماء في وصف الأسد، وكانت القصيدة، الجذل، والعدل، والبذل المنطقي لمن استحق المقارنة بالأسد، ولمن نال الحقيقة وهو يمضي بالقافلة باتجاه الضوء، وعند آخر الأفق.
تقرأ قصيدة الفارس، وتتهجى أبجدية اللغة، وكأنك تخوض في النهر، كأنك تخيط قماشة الحرير، على جناحي طائر عبقري، وكأنك تجدل ضفيرة العشق عند ناصية التألق، وهذه هي خصلة الأنقياء، هذه فضيلة النبلاء، هذه نقطة التلاقي ما بين الرموش عندما تكون الرموش سيوفاً رادعة، مانعة، تكون في الوجود جملة الخبر، عن نصر يؤزر المعاني في الأفئدة، ويسكب في الضمير شهد المعرفة، وها نحن أبناء البر والبحر، زعانف تقوى مخضبة بحناء الحب، يجمعنا على سهول بلادنا.. بلادنا التي أصبحت في العالمين نجوداً بطيات نجوم، تحرسها من كل عين، وتحمي سارياتها من كل معتد أثيم ونمّام لئيم، وهذه بلادنا يملؤها الأسد، إيماناً، وأمناً، وعند ضفافها ترسو راية الأمل، مكللة بهيبته وفخامة طلته، وبذخ طاقته، وثراء إرادته، وغنى عزيمته، وفيض تصميمه على أن تظل الإمارات الاستثنائية في العلو، والفريدة في الشموخ، العتيدة في الرسوخ، وبهامته يحلم الطير بأن يحلق، وبقامته تفكر النجوم كيف ترتفع أنوارها.
هكذا نمت قصيدة الفارس، وهو يرفع النشيد عالياً من أجل أسد طافت سمعته العالم، واتسعت رقعة مزاياه، حين انبجست من ثناياه روح الرجل المقدام، مسدداً خطاه نحو غايات التسامح، مثبتاً خطواته نحو أهداف جذوتها من صميم الحب للآخر، من دون تلوين، أو تخمين، بل هو الإصرار على تمكين العقل من الاندماج في نسيج العالم، بسيولة الماء العذب، وعذوبة الحياة الشفيفة.
هكذا تبدو قصيدة «الفارس»، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، إلى أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهي في ذاتها، أيقونة تعبر عن سيمفونية عطاء لرجل البذل والسخاء.