مثل طفلة تتهجى أبجدية اللغة، تناغمت الموجة الشفيفة في بحر الشويهات مع براءة الرمل المبلل ببريق الماء، هناك في شاطئ الشويهات حيث تبدو الطبيعة مثل بدوية تخيط مشاعرها بأبرة الأحلام الزاهية، هناك في وداعة المحارات تغسل الشمس أجنحة النوارس السابحة تحت قبعة سماوية زرقاء إلى حد الشغف، وعند حواف التلطف الرملي يتخذ عشاق الحياة من تلال الرمل الخفيضة مقاعد للتقوى، وتأمل القماشة الملونة على سطح الماء، حيث بدا البحر وكأنه سجادة من مخمل، معبأة بألوان الطيف، وبقلم الطبيعة لونت الشويهات ماءها بالأبيض الفضي، والأخضر اللازوردي، والأزرق العقيقي، واسترخى الأفق اللوني على امتداد لا نهائي، ولا نهاية لبريق جبل الظنة الصارم، وهو يقف كحارس على مجريات السكينة، وهدوء الشاطئ، وعفوية زعانف صغيرة تبدو كشعيرات خصلة شعر نزلت على خد الشاطئ، وتحكي قصة العشق الأبدية ما بين الزعنفة وملح الوجود، هناك تتقهقر كل الإرهاصات، هناك تذبل أشواك القلق، وتتلاشى، ويحضر التأمل، هناك ترقص أمنيات الطفولة على نغمات أغنيات تدوزنها الموجة، وعلى أعقابها تهفهف النسمات بخفة مراوح يدوية، تستدعي الذاكرة، وتستحضر أياماً تسربت بين أصابع العقل بفعل الضجيج.
 الأشياء تبدو جميلة عندما تتخلى عن مساحيق التجميل، وعندما تتحلى بفطرتها، التي جاءت من زمن اكتساء الإنسان معطف البراءة، وشفافية القلب.
 هناك تنتصر أنت لنفسك، وتخرج من حشرجة الوعي وهو يهيم في غابة الوجوه المبعثرة ما بين قماءة اللهاث خلف اللاشيء، وقبح تغضن الجباه.
 في الشويهات، تغتسل الأفئدة من الغبار، وتمسح النفوس عن كاهلها السعار، وتنبري الحياة مثل حمامة برية تهدل للحظة، وترفع النشيد عالياً من أجل الحياة، من أجل الضرورة القصوى، لعالم بهي، نزيه، يستقي وجوده من بياض الموجة، ومن غريزة الرمل الذهبي، هناك تتجاوز الأشياء قلق اللحظات الغارقة في وحل الآلام الوهمية، وتبرز الصورة المثلى لراهبة الوجود، صحراء الطبيعة، وهناك تشعر أنك في تبتل، وفي حالة إشراقة، ونيرفانا طبيعية ومن دون تكلف.
 الشويهات.. الوعد الحقيقي لعالم إماراتي مبهر، ومزدهر، بألفة المشاعر، ما بين الماء والرمل، وما بينهما يمكث إنسان الطبيعة، وأحلامه البكر.