بنجاحٍ لافت في التنظيم والطرح والمشاركة، قفز معرض الشارقة الدولي للكتاب من مرحلة التنظيم العادي لهذه الدورة في ظل الظروف الراهنة، إلى مستوى العرس الثقافي الكبير، بعد أن جاء كرم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ليروي نهر المعرفة هذا بفيض غامر من العطاء الذي يذلل كل عقبة في وجه الثقافة ويبث روح القراءة والكتابة في عروق القراء والأدباء والباحثين عن الحقيقة والجمال. وكان لإعفاء سموه جميع دور النشر من رسوم المشاركة، ومكرمته بمبلغ 10 ملايين درهم لدعم شراء الكتب الأثر الكبير في إبعاد هذه الدور من مخاوف تراجع نشاطها بعد شهور طويلة من توقف حركة بيع الكتاب. وستكون هذه المكرمة سبباً في دفع حركة النشر من جديد. كما لا يقف دعم سموه عند هذا الحد، لأن الشارقة وهي العاصمة العالمية للكتاب، تعمل طوال العام على إطلاق الحوافز والمبادرات الكبيرة التي ترفع من مستوى حركة الكتاب العربي ليحتل الصدارة ويصل إلى القارئ أينما كان.
وسرّني في المعرض أنه حمل البشارات الأولى لمجموعة من شعراء الإمارات الشباب، حيث إننا منذ فترة طويلة لم نسمع أو نقرأ لأصوات شعرية جديدة. وقد أعجبني صوت أمل السهلاوي وعلي المازني وفاطمة بدر وأسماء أخرى معهم مثل بثينة فهد ونجيب صالح وغيرهم، ومن يقرأ هذه الأصوات يدرك أن الشعر بخير، وأن الشاعر أكثر حذراً في إصدار كتابه الأول من الآخرين، حيث انتشرت الكثير من الإصدارات الأولى لأسماء شبابية، ولكنها لا تتعدى المغامرات الكتابية البسيطة التي يتم تقديمها كأعمال روائية، ولكنها لا ترتقي حتى إلى مستوى الخاطرة.
ويتحدث الأدباء والكتاب عن إحدى دور النشر الجديدة التي تعيد إصدار الكتب المهمة في طبعة ثانية، وهي فكرة أكثر من رائعة بالفعل لأن الكثير من أدباء الخليج لا يجدون دوراً تتبنى إعادة إصدار ما أنتجوه قبل عشر سنوات أو أكثر من دواوين شعرية مهمة وروايات لا يجدها القارئ في أي مكان. وخلال فترة قصيرة استطاعت هذه الدار أن تتقدم إلى الواجهة وتحفز القارئ والكاتب على الإقبال على إصداراتها.
ولم يتوقف أي نشاط في دورة هذا العام، واستمرت حفلات توقيع الكتب في الأجنحة والمنصات بالوتيرة نفسها، وأقيمت الورش والمحاضرات بمشاركة أسماء مهمة عربية وأجنبية، وكان الجميع ملتزمين بالإرشادات الصحية، فاكتملت بذلك واحدة من أنجح دورات المعرض في حين أن دورات كثيرة في العالم كله تم تأجيلها وإلغاؤها.