في الخوف، في الشك والتوجس، عاشت وتعيش البشرية منذ عام، واتفقت كما لم تتفق من قبل، خافت، كما لم تخف من قبل، حتى في فعل الموت الذي مارسته في حروبها الطويلة وكرهها لبعضها وانتقامها، والتهميش والجوع والفقر والتدمير الدائم والمستمر للطبيعة.
بدت البشرية خلال عام بكل جبروتها وقوتها وعدتها وسلاحها وكبريائها، ضعيفة أمام كائن غير مرئي بالعين المجردة، فيروس حشر الجميع في الزاوية وألبسهم رداء العجز.
ففي هذه المحنة التي فرضها ويفرضها «كورونا» الهائم في أرجاء العالم منذ عام والقادر على إنهاك الجسد، الفتك بالرئة، والقتل، تجلى إحساس الخوف بأشكاله المختلفة، الخوف من المرض، الخوف من الجوع، الخوف من الفقد، الخوف من الناس والخوف من الموت.
خوف لا يحدث أبداً في الحياة الطبيعية، لا نراه ولا نحسه ونحن نمضي في فرض وجودنا على الأرض بكل الأشكال، فرض وجودنا على الطبيعة والمناخ والفضاء وحتى على بعضنا البعض، لا نسمع صوت سوى صوتنا، ولا نلتفت لمشهد أرضنا الحزين والحزين جدا في الكثير من الأماكن والبيئات، حيث يرزح بشر تحت خط الفقر والمعاناة الإنسانية، وحيث يحدث الاعتداء المستمر على الطبيعة وإفساد المناخ.
في هذا الخوف الذي يأتي غالباً مع الأوبئة القاتلة والحروب، عملت البشرية في سباق محموم مع الزمن كي تنقذ الأجساد التي تتساقط كل يوم أثر هذا الوباء، وها هي تقترب وتحقق نجاحا بإنتاج المصل الناجع الذي سيوقف انقضاض هذا الفيروس على حياتنا، حيث بات اللقاح بين قوسين أو أدنى كي يُقر ويوقف هذا العبث الذي أحدثه «كورونا» في حياتنا اليومية.
لكن هل عندما سيتنفس العالم من دون كمامات.. سوف نعتبر ونتذكر المأساة ونعيد تشكيل الواقع من جديد، هل ستمضي معنا الإيجابيات الكثيرة التي تمت في زمن كورونا، إيجابيات العلاقات في الأسرة الصغيرة، التعليم القادر على الاستمرار خارج فصول الدراسة التقليدية، الانهماك في الخصوصيات والهوايات الجميلة، التواصل الإلكتروني الفعال والعمل داخل الدول والمناطق وعبر القارات، الحب والتضحية اللتان تحلت بها كل الفرق الطبية في العالم، وهي تشيع الأمل في قدرة البشرية، على أن تتكاتف وتتعاون لتصنع مستقبل أجمل.. هل سيرقص العالم على إيقاع الحب والحب فقط؟