وأنت ترتقي الجسر المؤدي إلى باحة الفرح في الحديريات، وكأنك تصعد سلماً مضاءً بشلال من المصابيح والتي تنساب إليك كأنها الحلم الزاهي، كأنها خيوط الذهب، كأنها عناقيد النضوج، كأنها قلادات الجمال على نحر حسناء توهجت بالنور، وبياض السريرة.
هنا في الحديريات، ترتع غزلان الكون البهيج، وتفرع أجنحة السجايا الإماراتية ذات السمات الفريدة، في صنع الترعرع على بساط يبدو كأنه النجود بالغة الترف، تمزج ما بين الطبيعة الخلابة، وعبقرية الإنسان صانع الحياة.
هنا في الحديريات، تعيش المهج وسط بريق العيون، ولمعة المكان المهذب بالصياغة الاستثنائية، هنا تبدو أبوظبي، في حلة باذخة، تستقبل العشاق، من كل حدب وصوب، حيث تحتفل العاصمة بكرم الضيافة، ونبل الاستقبال، هنا تمد العاصمة للمدى، أشرعة السفر في وجدان الوجود، وتملأ الخواطر بباقات من فرائد الزهر، وعقائد الدهر، وهنا تنعم النفوس بصحاف الترف، وكأنها في حفل كوني دعت إليه أبوظبي كي يرى الإنسان من كل جهات الدنيا ما ترفل به بلادنا، وما تختزنه من جمال العطاء، ومن كمال الطوية، وهي خصلة من خصال القيادة التي راهنت على الإنسان، كما راهنت على مكونات الأرض الطيبة، وهنا تبدو السماء الزرقاء المرصعة بنجوم الخالق العظيم، كبقعة عملاقة مزدانة بفصوص لمعت، وتراقصت، وهيأت نفسها لاستضافة الناس أجمعين، هنا في هذه البقعة المباركة تجد العالم أجمع في اجتماع يؤسس لكون جديد يتشكل على أرض العاصمة، وكل أعضائه من صلب آدم، ومن ترائب حواء، والوجوه تتشابه في الابتسامة الواحدة، وإشراقة الجبين، ونصوع الوجنات، هنا يتحد العالم على قيم السلام، والمحبة والوئام، واحترام الآخر، بقناعة أنه عندما يجتمع الحب، تذوب كل الفوارق، ويتلاشى التمايز، هنا ترى رفرفة العيون وهي تدوزن كحل الرموش، وهنا ترى العالم بعفويته وعذرية مشاعره، وفطرية نظراته إلى المعطى الحضاري الذي تتمتع به الحديريات، وما حولها من منشآت مذهلة في بنيانها، مدهشة في بيانها، تتحدى الجائحة بقوة عزيمة من أنشأ محتواها، ومن لون فضاءها، هنا الحياة تبدو مختلفة عما يحدث في العالم، لأن الحب زرع التفاؤل، والتفاؤل افترش سجادة الطموحات، والطموحات نسجت غشاءها الرقيق، فانسدل مثل ستارة الحرير، يمنع الغبار، ويردع السعار.
هنا في الحديريات غاية المنى، لكل محب للحياة، وهنا الوقاية الجميلة، تمشي الهوينا على مكان في القلب، بقعة في الروح، هنا الأشياء تبدو براقة مثل الأقمار، تواقة لعطر الفرح مثل الأزهار.