في يوم الشهيد، في يومنا المبارك، في يوم الوطن التاريخي، في يوم السحابات التي أمطرت جللاً حرك المواجع، وأنشد للحياة لا للموت، أغنيات الأمل، وفرح التضحيات العظيمة، لإنسان وعد ألا يكون إلا خنجراً في صدر الوغى، وشوكة وخازة في قلب المعتدي، إنه إنسان الإمارات، وشهيد الواجب، ورعد الحقيقة، ووعد الحق، هذا هو يومك، وكل أيام الوطن هي لحظتك المباركة وأنت تحمل في طيات وجدانك، روحاً تألقت في المسير إلى نكران الذات، وتأبطت حب الوطن بين جوانح هي أزهى من البرق، وأبهى من وجه اللجين، وأجمل من أعطاف الوردة، وأشف من جناحي الفراشة.
هكذا نطقت وأنت تلهج بلسان عذب وصدر نقي السريرة، هكذا كنت في أرض التماهي ونجوم السماء، حيث كنت في لحظة الانتقال من حياة الشرف إلى حياة السمو، ورفعة القيم، ومنازل الأصفياء، والصديقين والأنبياء، والأولياء الصالحين، فأنت هناك، وها نحن نرتل خصالك، ونرتب مشاعرنا كي تصفو، وتغفو أرواحنا عند ذكراك الطيبة، ونؤجل أحزاننا، وننحي أشجاننا، ونجعل ما بيننا وبينك، هو ذلك اللون الفضي، لون السرمدية والتي أنت فيها، مخلوق سماوي بهي، وبهيج، ترسل الومضة إلى عيوننا، فنراك فيها النهر الذي صب في وجداننا صبر الأشجار، وابتهال الطير، نراك في مرآة الحب الصورة المثلى لإنسان غادر الأرض ولم يغادر القلوب، نراك في الذاكرة تسكن أنشودة خلود، ويوم موعود، وشاهد ومشهود، وللتاريخ مفاصل لا تبدو في الحياة إلا نجمة ترسم الضوء في النفوس، وعلى نجود الأفئدة المحبة تكون أنت الضوء، وأنت الصوت المجلجل في أعماقنا، قائلاً: ها أنا هنا في جنان الخلد أرتع، ولم دمائي الطاهرةُ تطوي جبن الجبناء، وتجعل خوفهم أبدياً؟ لأنه ما من غادر، ولا أفاق، ولا منافق، إلا وقلبه في جحيم الخوف خطباً وحطباً.
في يوم الشهيد تزهر في صدورنا حقول المجد، والوجد الأزلي يسفر عن ثمرات الظفر بالعز، في مواقع الشرف، وأنت.. أنت، السيد الشهيد، في يومك، وأيامك، تنام قرير العين هانئاً، بعد أن أنعمت، وأمعنت في تسديد الرمية في قلب الرامي، وأعلنت للملأ أنك الشاهد على موقعة هي مبتغاك في تحرير المغبونين، ورفع الضيم عن المقهورين، وإعادة الحق لمن سلبت منهم الحرية، وكبلت بأصفاد الطغاة، والغاصبين، وأعلنت أنك في الشهادة حيٌّ، في الحياة شاهدٌ على تاريخ سيكتب للوطن ملحمة النبلاء، في لحظة اليقين، وستبقى أنت.. أنت في عيون الوطن، البريق، والحق المستبين، ستكون دوماً البيان والتبيين.