يكاد ليونيل ميسي أن يكون أقرب لاعبي كرة القدم إلى موهبة دييجو أرماندو مارادونا، وهو المنافس الأول على لقب الأفضل في العالم مع كريستيانو رونالدو، لكن لماذا ظل مارادونا الذي اعتزل كرة القدم عام 1997 نجماً وأسطورة حتى اللحظة الأخيرة في حياته؟ ما هذا السحر الذي سكن مارادونا؟ 
الفارق بين مارادونا وبين ميسي، هو أن الأول كان مثل فارس شهر سيفه، وخاض معركة في ميدان كرة القدم بالمكسيك، وثأر لهزيمة بلاده في حرب عسكرية، وليس في ذلك أي مبالغة، لأن انتصارات كرة القدم تمس بصورة ما كبرياء الأمم، وهكذا جاء الفوز على إنجلترا، ثم إحراز كأس العالم، بمثابة أكبر انتصار للأرجنتين بعد الهزيمة في حرب الفوكلاند.. وفي عام 1986 كان مارادونا بطلاً شعبياً، بعد أن كان مجرد عبقرية كروية منذ ظهوره كطفل صغير يداعب الكرة في حي «فيلا فيوريتو» بإحدى ضواحي بوينس آيرس.
الألم والحزن والدموع، والامتنان، والعشق، والبطل، والأيقونة، والأسطورة، هي كلمات تختصر ردود فعل كوكب كرة القدم على خبر رحيل مارادونا، الذي امتلك شخصية قوية ومتناقضة.. تذوق طعم الشهرة والمال، ومع ذلك حمل أفكاراً يسارية، عبرت بصورة ما عن ارتباطه بالفقراء.. كانت صداقته مع فيدل كاسترو رئيس كوبا، ووشم جيفارا الذي زين ذراعه، تعبيراً عن روحه الثورية التي أحبها الناس البسطاء. 
كان مارادونا صاحب شخصية فريدة عرفت قمة النجاح كلاعب، وقاع الفشل كإنسان، فقد فشل حين مضى في طريق المخدرات والمنشطات، وفشل كمحلل، وفشل كمدرب، وحين كان يقود منتخب الأرجنتين، ويواجه منتخب ألمانيا في مونديال 2010، بدا مثل قبطان تيتانيك، المشغول بترتيب الطاولات على السطح بينما السفينة تغرق.
الأساطير هم نتاج شخصية مركبة، يملكون موهبة عبقرية تثير الإعجاب، ويقومون بتصرفات تدل على الجموح، ومارادونا الذي رواغ كل منافسيه في الملعب، راوغ الموت في الحياة، كان ملهماً للصحفيين والإعلاميين الذين عاصروه، وكان خبراً وقصة يومية لهم تستحق الاهتمام والمتابعة، حتى حين أطلق عليهم النار ببندقية هواء، وفي الوقت نفسه كان اسمه خبراً مهماً، حين سميت كنيسة باسمه. 
ليونيل ميسي لاعب كرة قدم عبقري، وهو في الملعب، مثل طفل يلعب في حديقة منزله، أو شيطان يداعب الكرة، ويجري خلفه المنافسون، لكنه خارج الملعب شخصية رمادية، باهته، أما مارادونا، فقد كان مارادونا في الملعب، وفى خارج الملعب، كان موهوباً وعبقرياً، وفارساً، وبطلاً، وثائراً، ومغامراً، وجامحاً، وأسطورة.