العديد من الجهات التي تحاول تقليل نفقات وتكاليف أقسام الاتصال أو«الكول سنتر» تبنت برنامج «مساعدك الافتراضي»، ولكنه باء بغضب جمهور المتصلين، وفشل فشلاً ذريعاً، خاصة أن القوم هنا متعددو اللهجات ومختلفو النبرات، ولم يعد يتحدثون باللغة العربية الفصحى أو يسمعونها إلا في المسلسلات التاريخية التي أصبح القيّم منها نادراً. وقد كانت مؤسستنا الوطنية «اتصالات» أول من قدم لنا «المساعد الافتراضي» الفاشل بعد خيبة الاستعانة بموظفي مراكز «الكول سنتر» في إحدى البلدان العربية الشقيقة أو المجاورة. 
ذكرني بـ«المساعد الافتراضي» الفاشل ما تابعته في المقر الرئيس لأحد مصارفنا الوطنية الكبرى الذي يعد مركز الاتصال التابع له أحد أسوأ المراكز جراء كثرة شكاوى المتعاملين معه. فقد وجدت متعاملاً من كبار المواطنين كان يحاول سحب مبلغ من جهاز الصراف الآلي الموجود في المبنى، إلا أن الجهاز أصر على إفساد مزاج وصباح الرجل عندما «علِق» إخراج النقود بينما وصلته رسالة نصية على هاتفه النقال بأن المبلغ قد سُحب من رصيده. 
استعان بـ«السيكيورتي» الذي أبى أن يتحرك من مكانه، داعياً إياه لدخول المبنى، وبحث الأمر مع موظفي خدمة العملاء في الطابق الأول، وهناك طلبوا منه الاتصال بـ«الكول سنتر» ليرد عليه «المساعد الافتراضي»، وأحياناً تلك الموسيقى المثيرة للأعصاب والعبارة الشهيرة المستفزة بأن «مكالمتك تهمنا»، وترفع له الضغط والسخط، وذلك على مرأى ومسمع من الموظفين والمتعاملين الذين كانوا في انتظار دورهم.
لم ينقذه من الحالة التي كان فيها من القلق والغضب سوى موظفة دعته للهدوء وطمأنته بعد أن تولت مراجعة حسابه أن المبلغ الذي لم يتسلمه من الجهاز قد أعيد له وبإمكانه سحبه من الموظف الصراف وليس «الآلي»، وذلك ما كان، بعد أن شكرها وزميلتها الصرافة، وخرج سعيداً بتلك النهاية لموقف مزعج تعرض له، والذي قد يصادف غيره، وسر سعادته أن الحل جاء سريعاً وبعيداً عن «الكول سنتر»، و«المساعد الافتراضي».
 أدعو كل تلك الجهات التي توسعت في الاعتماد على الآلة والأجهزة أن تتذكر أن من بين متعامليها يوجد متقدمون في العمر، وآخرون ليست لديهم مهارات التعامل مع التقنيات الحديثة ولا ابتكارات «المساعد الافتراضي» وهم بحاجة لتفهم احتياجاتهم ومساعدتهم بدلاً من إحالتهم لردود آلية غريبة وموسيقى كئيبة مع تحياتنا للمساعد «الافتراضي» ولغته المتخشبة!