«من هنا نبدأ».. هكذا نرى ملخص مقررات القمة الخليجية- التي احتضنتها المملكة العربية السعودية الشقيقة- أقوى أركان الأمة وصمام أمانها والمدافع القوي عن مصالحها-، وتحديداً في «العلا»، حيث عبقرية المكان.
وللتوضيح أكثر نقول: كإماراتيين.. لم تغب عن وجداننا، ولو للحظة، وشائج القربى الممتدة عبر التاريخ بين شعوب دول مجلس التعاون، فيما بقي «خليجنا واحد» الشعار الأقرب إلى نفوسنا، رغم «أزمة قطر».
كما أنه لم يغب عن أذهاننا أن قوة إرادة «المنظومة الخليجية» أكبر من أي معوقات أو صعوبات، خاصة بعد ما قطعته من مسافات بعيدة في التضامن والعمل المشترك، وتحقيقها الكثير من آمال وطموحات شعوبنا في الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار.. وهي أمور يصعب هدمها، أو المساس بها تحت أي ظرف.
غير أن هناك تساؤلات كثيرة كانت تفرض نفسها، أهمها: كيف لهذه المنظومة أن تعمل بكفاءة وفاعلية مع وجود أي تصدعات.
كما لا يخفى أنّ ثمة أطرافاً إقليمية ودولية مستفيدة من بقاء «أزمة قطر» على حالها في المشهد السياسي الخليجي والعربي، خاصة أن تداخلاتها وتداعياتها مغرية للانفراد والاصطفاف والصراعات، الأمر الذي يستدعي تقديراً حكيماً للمخاطر التي تحيطنا، والأحلام الإمبراطورية التي تتربصنا ولا تتورع عن الطمع في مواردنا.
إزاء كل هذا، جاء انحياز دولة الإمارات، التي شهدت في العام 1981 انطلاق أول قمة خليجية، إلى العقلانية، ومنح الفرصة لمراجعة الذات، ومن ثم العمل لبناء الثقة عبر بداية حقيقية، قوامها الاحترام المتبادل ومبادئ الأخوّة والجيرة والمصالح، وما عدا ذلك، فإن الجميع متضرر على نحو أو آخر، الأمر الذي عبّر عنه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقوله: «المتغيرات والتحديات المحيطة بنا تتطلب قوة وتماسكاً وتعاوناً خليجياً حقيقياً وعمقاً عربياً مستقراً».
بقي القول: إننا ننظر بكثير من العرفان إلى الدور الكبير الذي قامت به المملكة العربية السعودية ودولة الكويت انطلاقا من رؤيتهما الثاقبة لثقل الكيان الخليجي ودوره الإقليمي والدولي، فيما لن تغيب الشقيقة الكبرى مصر عن الوجدان العربي والخليجي، لأنها أعطت الكثير وتحملت الكثير.
متفائلون بمرحلة جديدة من العمل الخليجي والعربي المشترك، والتزام قوي تجاه أخوّتنا ووحدتنا ومصيرنا الواحد، بعيدا عن الأزمات والخلافات.. و«من هنا نبدأ».