لأن العالم يعيش اليوم على شفا حفرة من نيران الحقد، ولأن العالم يعاصر حالة فريدة من مكر العداوات، والحقد، فإنه يتوجب على كل محبي الحياة أن يتضافروا وأن يتكاتفوا وأن يكونوا كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضاً، الخطر الداهم وارد على الخديعة البصرية الكبرى التي يمتهنها بعض الدهاة والماكرين، الذين يختبئون تحت رداء الدين أو اللون، أو العرق، ويسومون البشر سوء عذاب، ويسوطون العالم بأفكار ما أنزل الله بها من سلطان، وهي بعيدة عن الأديان جميعاً وهي بدعة من دلع المتسولين للمبادئ، والساقطين على الأرض كأنهم الجراد، لا يتركون شاردة ولا واردة إلا ويضعونها تحت سنابك خيولهم الجامحة، ويعيثون فساداً في القيم الإنسانية والأخلاق، ويفسدون في الأرض، ويسخطون، حق الإنسان في العيش كريماً معززاً، مترفاً بمشاعر الحب، هؤلاء كارهو الحياة لا يسعدهم بأن يعيش العالم بمنأى عن القتل، والدمار، والفقر والعوز، هؤلاء أعداء الحقيقة، والحقيقة هي بأن تنعم البشرية بالأمن والطمأنينة، والسلام، والوئام، والذهاب قدماً نحو تأسيس عالم بذرته أحلام ملونة بالفرح وجذره طموحات مزدانة بالآمال العريضة.
اليوم الإمارات وهي تطرح مبادرة بالاحتفال سنوياً بيوم الأخوة الإنسانية، إنما هي خطوة نحو الضوء، هي وثبة باتجاه الحقيقة، هي قفزة على خيوط الأمنيات العريضة، ليبقى العالم زاهياً مثل الوردة، ناعماً مثل صهوة الخيل، آمناً مثل النخلة، سامقاً مثل الغافة، باسقاً مثل بدوي ينحت على التراب صورة جواده المجلل بالحب.
هكذا تذهب الإمارات بالمشاعر، وهكذا تلون حياة الناس دوماً بالسعادة، وهكذا تجيد الإمارات قراءة ما تخبئه السحابات في معطفها الشتوي، وهكذا ترسم الإمارات لوحتها التشكيلية بوحي من قلوب أحبت الحياة، فمنحتها الحياة الوعي بأهمية أن نعمل من أجل الآخر كما نعمل من أجل أنفسنا.
يقول اسبينوزا (الإنسان الفاضل لا يرغب شيئاً لنفسه، ما لا يرغبه للآخرين). ويقول ابن باجه (الإنسان الصادق هو الإنسان الذي يميل إلى الإحسان إلى الناس). وليس أكثر إحساناً للبشرية، من أن تنير طريقهم إلى فعل الخير، وليس أفضل من فعل، يقوم على وضع الناس في وعاء وجودي واحد كما هي الدر النفيس في صحن التألق.
هذه هي مبادئ الإمارات وما المبادرة هذه إلا واحدة من إشعاعات النور التي تسلطها الإمارات على الأرض ليسير الناس جميعاً في الدروب من دون عثرات، ولا كبوات، ولا عقبات، ونكبات، ولا عرقلة تجرح أقدام الحقيقة أمامهم.