قنوات مائية تسترخي بخيلاء مترف، وعلى وجناتها الفيروزية الخلابة ترسو أسباب الرفاهية متمددة عبر شواطئ تهادت على أطرافها الباذخة قوارب، ويخوت بدت وكأنها نوارس عملاقة، مدت زرقة الماء ببياض السريرة، وتوالت المقاهي والمطاعم تفوح برائحة البوح السري لمهارات العقل الحداثي في صناعة وجبة النهار، وقوت المساء.
هنا على هذه الرمال الصافية، تلتقي الأقدام مع محارات البحر، وتتساقى العيون من نهل الفضاءات البريئة، ويشعر الزائر بأنه يمشي على قماشة الحرير، ومعطف النسيم البحري يضم كواهل اللاتي والذين يمضون ردحاً من الزمن على صهوات أحلامهم الزاهية بمشاهد، تبدو كأنها الجزل في القصائد العصماء، تبدو وكأنها الجذل في وجدان غزلان البرية، تبدو وكأنها البذل في بساتين الأبدية.
عندما تطفو مشاعرك عند موجات الماء المبتهل خشوعاً لإبداع بشري قل مثيله، تصير أنت موجة في المكان، تصير أنت نجمة في سماء الفكرة المجللة بالرحابة، تصير أنت غيمة في أحشاء النظرة اليافعة، تصير نغمة متوجة بالدوزنة، وتصير هكذا في الفرح إنساناً تطوقه المباهج بطاقة إيجابية تدعوك لأن ترتع، وتتمتع، وتدفع نواصيه بالتي هي أحسن، لأنك تعيش في بلد رصع مكوناته، بكل ما يبهر، ويدعو للدهشة، بلد جعل من المكان أيقونة تتداعى إليها الأمم، مذعنة لجمالها، خاشعة، ضارعة لهذا الكون الإماراتي المتجلي ترياقاً، الطالع في الحياة نتاجاً عروبياً متفرداً في شكله ولونه، وذائقته، في هذا المقام تبدو العاصمة وهي المايسترو الذي يقود مسيرة الجمال، وقافلة السلام، ويذهب بالمعنى نحو غايات تجعل من العالم كوكباً صغيراً يغمس أشعته في ثنايا هذا البلد، لتتولد عن هذا التناغم.. بلد له في الدنا أغنيات الطير، وأثير الأناشيد الوجودية، وعطر الأشجار، وخضرة العشب القشيب، وزهو الوردة البرية على ربوة صحراوية تتلو اللون الزاهي، وتقبل الحياة قبلات وجد طفولي، وعفوية العذارى.
في الشتاء تبدو شواطئ العاصمة، مثل سجادة أذرية، أو جديلة في سواد الليل ترفل بسحابتها المخملية، تبدو في الحياة نعيم الأزلية، تبدو في التواصل مع الآخر ترف الشفافية، تبدو في العصر الحالم بالفرح، لغة تصفو فيها الجدلية، تبدو في التاريخ حدثاً فريداً، عتيداً، مجيداً، نضيداً، تبدو نشيداً على لسان الطير والشجر، تبدو نسقاً جميلاً في وجدان البشر.