الحياة فيها استدعاء جميل، لملامح الزمن الذي يسمعك صوته، لكي تتسع الرؤى الحثيثة، وحتى لا تتوارى خلف الوقت، وهو المسافة الممتدة في سحر الحياة، فهذا ما صوب إلى سمعك، احتفاء «التويتر» بأول صورة عرضت على صفحته، لتعد صورة نادرة، وهكذا وعدت الحياة الرقمية أن تشرع مفهومها بمداخل، ما بين التاريخ القديم والحديث، ولم يعد ليفاجئك موقع «جوجل»، حين يهنئك بعيد ميلادك على صفحتك، أو حين يرسل لك كل ما يكتب عنك في العالم عبر «إيميلك»، أو حين يتصفح موقع «سناب» معك الزمن، بإعادة ذاكرتك إلى أماكن زرتها، ما بين أزمنة مختلفة. إنها من علامات الحياة الرقمية الحديثة، التي لم تعد الحياة تقتصر على قصص التاريخ، بل على الرؤية الشاسعة التي أصبحت تتسع، بل إن الإنسان العادي بات يصنع الحدث، يرقى بالفرح ويتأثر بالمؤلم، ويرتقي بالتواصل مع الآخر ثقافياً، من دون المساس بالثوابت التاريخية أو بالتقليد الثقافي أو بحالات التنوير، ولا ينبغي للحياة الحديثة وعلاماتها، أن تنسف الماضي وحقائقه، أو تنعتق من التماهي ما بين قديم وحديث.
ففي كل ظاهرة زمنية، يتجوف القديم قليلاً ويحمل الحديث واقعه الجميل، حتى أسرف الإنسان في حضوره فرحاً بالتقنية الحديثة، متوهجاً لا يبصر السمات الجميلة من المنبوذة، صعدت ظواهر وأخفقت قيم إنسانية، ولتكن ضريبة مطلقة، تحاصر الإنسان أينما شرع الحياة من جديد، وأينما كتب له التاريخ صورة مخالفة لنمطية المتبعة.
تقنية تعيش من وحي ما هو قادر على قراءة وجودك، وبرضى بكل ما ينم عن حضورك أو حين تخفي مكانك، أو تعلن بصوت جهوري وعلى الملأ ما ينبغي لك، وإذا أغلق حسابك أو رممته بنفسك، قد تثب التساؤلات عما حل بك، لتوقن في نفسك أنك مجرد رقم، تحاصرك التخمينات والتهويل والمباغتة، وكأن جسدك حاضر ما بين مأدبة شواء، تعصف بك دلالات الحياة الحديثة وسماتها.
فمن سياق الإنسان القديم والطبيعة والوجود والتأمل الفكري، إلى الترحال في سياق الزمن الآني، تبصر ما حولك، ترى المعلومة بكل اللغات والهتافات الوجودية التي أصبحت لغة يومية وحسية، وفضاء، وطرباً، وأصبحت أيقونة للتخاطب الفعلي، بل أيقونات كاذبة أحياناً، متطفلة، مثيرة للسخرية والجدل وفوضى الإرباك.
وفي سياق ما علا، بدأ الوجود يستهوي الحياة الحديثة بكل سماتها المتباينة في الروح، وعليك ما ينبغي معرفته بأنك صورة مكررة في بيانات لوحة صغيرة مرئية، هي نافذتك ونافذتهم في الحضور الحياتي، وهي دفتر أحلامك، في صحو الفكرة المثيرة ونهجها، إنها صورة عذراء في مخيلة يشتد وقعها في النفس.