بعض الأسواق تأخذ مسمياتها من النشاط القائم فيها وعلى الأخص الأسواق الشعبية، ليس لها دخل في حمل أسماء أشخاص أو عناصر ليست لصيقة بها ولا بنشاطها، وإن حصل وحملت اسم بعض الشخصيات، فإنه أيضاً عائد إلى دور تلك الشخصية بالعمل والنشاط الدائر في تلك السوق، القليل جداً والنادر في الأزمنة القديمة يحدث أن يكون الاسم مرتبطاً بأشخاص لا علاقة لهم بالعمل، وهناك أسواق  عمرت كثيراً وتطورت وذهب صيتها بعيداً حتى تجاوز المدينة والبلد الذي ظهرت فيه وحققت نجاحات على المستوى التجاري أو الاقتصادي، بل أصبح وجهة وغاية للوصول إليه من أناس كثر في أقطار مختلفة.
بعض الأسواق هي عناوين المدن، ومنارات تحرس ذلك النشاط الفاعل فيها، بل عمود التجارة والاقتصاد، ولكن أيضاً بعض الأسواق التي حملت أسماء لامعة، وكان لها حضور كبير في أزمنة ما، غابت واختفت بكساد تلك المهنة أو التجارة، أو تبدل الزمن وحضور بضاعة أكثر جودة وأحدث في كل شيء ونشطت في أسواق جديدة.
وأيضاً أسواق قديمة وأسماء قديمة استطاعت أن تتطور وتتفاعل مع الزمن، ولعلّ أسباب خفوت واختفاء بعض الأسواق واندثارها يرجع إلى أن المعنيين بالتجديد والتطور وحضور عناصر جديدة للبلديات وأسواق التجارة والاقتصاد ذهبت بعيداً خلف التحولات والتنقلات السكانية، وواكبت اتساع وتطور المدن وزحفها بعيداً عن المراكز التجارية القديمة، كذلك رغبة بعض العناصر الإدارية والتجارية في صنع أسواق حديثة وعدم العناية بالقديم منها، بل بعض العناصر الاقتصادية والإدارية تحمل روح الانسلاخ من كل شيء قديم والعمل على هدمه واندثاره، ووصل بالبعض من هؤلاء إلى الانسلاخ حتى من ثقافة الناس ومن الأسماء المحلية والعربية، وعلى الخصوص الذين ذهبوا بعيداً في التغريب والانغماس والإعجاب والتقليد لأسواق خارجية حتى في الأسماء، وكأن الأسماء المحلية أو العربية عار أو عنوان للتخلف.
ومع ذلك ظلت بعض الأسماء شامخة وقوية، قديمة الاسم، ولكن حافظت على وجودها واستمرارها بحكم تجذرها في عقل وقلب المحبين لتلك الأسماء اللامعة والباقية والمستمرة بقوة مثل سوق الذهب أو سوق نايف أو سوق مرشد هذا في دبي، أما المناطق والمدن الأخرى، فإن البعض من الأسواق القديمة ما زالت صامدة وباقية بأسمائها التي عرفها الناس قديماً والآن أيضاً.
من الأسواق التي تكاد تختفي أو اختفت حقاً، سوق جميل في الاسم والنشاط التجاري قديماً، اسم تتوقف أمامه في المعنى والصورة التي تحضرك عند التفكر في جمال الاختيار لهذا السوق، إنه سوق المناظر وتعني بالمحلي سوق «المرايا»، كم هي جميلة المرايا وما تبعته من معنى، إنها عنوان الجمال والحب والخفة، منذ أن عرف الإنسان المرايا/‏‏ المناظر فهم روعة الحياة والجمال، إنها الأداة التي تعلمنا كيف نكون في غاية الروعة والأناقة والجمال، من دون مرايا لا يمكن أن تعرف ما يجب أن تعتني به وتظهر في أجمل وأحسن وأروع صورة، إن فقدت المرايا، فإنك تفقد توازنك ومعرفتك بالصورة الجميلة والتي يجب أن تظهر بها، ولعلّ المرأة أكثر معرفة بأهمية المرآة/‏‏ المنظرة، هذا السوق المتواجد في قلب ديرة كان له شأن عظيم، فهو في السبخة؛ المكان المركز في قلب ديرة والسوق وبه أنشطة كثيرة، فكل أنواع المرايا يمكنك الحصول عليها فمن يعيد لسوق المناظر/‏‏ المرايا، الذي اختفى أو كاد، اسمه ولمعان مراياه/‏‏ مناظره؟