مع الأندلس تجدد وصالنا كعرب مع روائع قديمة، روتها كتب التاريخ وتغنى بها الشعراء، ما كنا نظن أنها فراديس مفقودة، عادت اليوم كغيث جميل، إليه الأرض اشتاقت والناس، بنادي إشبيلية مزهرية الأندلس وعبق التاريخ، فاح عبير ثلاثة نجوم مغاربة اختلفت بينهم سبل الوصول إلى العالمية، ولكن اجتمعوا تحت راية الإبداع، وباتوا يشكلون واحدة من أجمل الملاحم الرياضية لهذا النادي ولكرة القدم العالمية أيضاً.
من برشلونة وليجانيس وجيرونا جاء منير الحدادي ويوسف النصيري وياسين بونو إلى إشبيلية، ليكتبوا فصلاً جديداً في قصة نجاح هذا الفريق، النجاح لا يختصر في كون الثلاثة قادوا «أسد الأندلس» للظفر بكأس «أوروبا ليج» العام الماضي، ولكنه يذهب إلى ما هو أعمق، إلى حقيقة أن الثلاثة وغيرهم جسدوا وبأجمل صورة عبقرية بات إشبيلية يدمنها منذ سنوات عدة، عندما يبتاع لاعبين بأقل الأثمان وبعد ذلك تتضاعف قيمهم السوقية خمس وست وأحياناً عشر مرات.
كثيراً ما ربطنا نجاحات الأندية بوجود رئيس نادٍ يجيد فنون التدبير، أو بمدرب يأتي للنادي حاملاً فلسفة لعب تكتب على البساط الأخضر إلياذات كروية، وقليلاً ما انتبهنا إلى أن خلف النجاحات هناك إدارة رياضية مبدعة في تشكيل اللوحة الفنية للنادي، وما يحصل اليوم بنادي إشبيلية يمثل مرجعاً للدور الريادي الذي يلعبه المدير الرياضي في صناعة النجاح الاقتصادي والكروي على حد سواء.
إلى نادي إشبيلية عاد قبل عامين رامون رودريجيز الملقب بـ «مونتشي»، من يوصف في إسبانيا بأمير المديرين الرياضيين، بعد تجربة قصيرة بنادي روما الإيطالي، عاد الحارس الأسبق لإشبيلية إلى قلعته بالأندلس، بأمل تكرار النجاحات التي حققها في سنوات سابقة، وهو يضم لناديه لاعبين أكسبوه شهرة ومالاً وفيراً، بداية من سيرخيو راموس، مروراً بداني ألفيس وسيدو كيتا وانتهاء براكيتيتش.
كانت أول بصمة سحرية لمونتشي، أن جلب للإشراف على الجهاز الفني جولين لوبيتيجي، ومهد بذلك الطريق لإحضار لاعبين سينجحون مع الفريق في الظفر بكأس «أوروبا ليج»، بل وستتضاعف بشكل مدهش قيمهم السوقية في ظرف زمني قياسي.
بأربعة ملايين يورو اشترى مونتشي الحارس المغربي ياسين بونو من جيرونا، لتصل اليوم قيمته السوقية إلى 20 مليون يورو، وبـ 20 مليون يورو استقدم يوسف النصيري من ليجانيس، لتصل قيمته إلى 45 مليون يورو، وبـ 25 مليون يورو انتدب الفرنسي جيل كوندي من بوردو لتقفز قيمته السوقية إلى 60 مليون يورو، وبـ 15 مليون يورو ابتاع لوكاس أوكامبوس من مارسيليا، ليصبح ثمنه اليوم 40 مليون يورو، وقس على ذلك لاعبين آخرين يمثلون ثروة كبيرة للنادي الأندلسي.
ماذا ربح إشبيلية من فراسة ومهارة المدير الرياضي مونتشي؟ جواب هذا السؤال سيعرفنا بقيمة وأهمية أن تختار أنديتنا مديرين رياضيين على شاكلة مونتشي.