الجمال هو في الإبداع الفكري والأدبي والفني والعلمي، والمساواة والتسامح والعيش المشترك بين الأجناس والأعراق بسلام. أما القبح فهو في التهميش والإلغاء والاضطهاد وتكريس الكراهية والجهل والعنصرية والصراعات الأيديولوجية.
فما بين الجمال والقبح تنافر كبير يجعلهما لا يلتقيان، ولا يتفقان في أي مشروع حضاري يصبو إلى الارتقاء بالإنسان نحو أكثر الأحلام توقاً للتحقق، وهو السعادة في تجلياتها المتعددة، في الرضا والابتسامة والضحك، في الابتكار والأخوة والأسرة، في الرسم، في الغناء والأداء، في الرقص، في غزل الكلام، في وحي الشعر، والقصيدة وهي تتنفس بصورها الشعرية المتراكمة، في شعاع الشمس وخيوطها الفضية، خيوطها البرتقالية.
للجمال سحر خاص، يكتب نوتة القلب بإيقاع ينثر المحبة والفرح، يتوج الجسد بقوة الرأفة، والروح بنشيد الحنين ودفء الحضور؛ سحر يشع في كل تفاصيل الحياة، مسكنه العين والنبضات، انتشاء التفكير وأجنحة الخيال والهواء النقي.
للجمال نداء السنين وهي تصر على بقاء البريق في صفحاتها، حيث خط المغامرون الكلمات الأولى، ورسمت الطبيعة الشكل الأسطوري للتعايش، ومن دون العشاق حبهم بلا قواعد.
للجمال وجوه البشر كلهم، بقومياتهم، بأشكالهم، بألوانهم بلغاتهم، حين يجمعهم نهر المحبة ويجري بهم في تناغم هرموني عالي الذوق، لحنه رقرقة الماء وهدير الشلال؛ نهر يغسل في طريقه الخطايا ويولف القلوب على إيقاع الأرض، وهي تبتهل في كل صباح بموسيقى الطبيعة الأزلي.
الجمال في ذلك التعالي الأنيق على التوافه والصغائر من الفعل البشري حين يتبدى كقبح أسنانه صخرية ورموشه من الحديد، ومن لسانه تنطلق أشواك سامة، قبح يأتي من صوت لا أذن تتمنى سماعه وملامح لا ترغب العين أن تراها.. يتعالى ذلك الجميل ويمر بروحه الكبيرة وقلبه الشاسع؛ يمر ولا يلتفت للقبح الذي يتكسر عند نظرته وخطواته الواثقة إلى أعماق المحبة.
في طلته تلوذ الأحقاد والفتن والمؤامرات والكره غير المبرر، تلوذ بنفسها بعيداً، تنحشر في زاوية مظلمة كي لا ترى ولا تحس، حيث يمكن لبريقه أن يمسها وتتلاشى كالدخان.
الجمال منقذ.