عام لا تمطر فيه السماء، هو عام «المحل»، كما كان يطلق عليه قديماً، وأعوام المحل، أو سنة المحل كانت لها تأثيرات كبيرة على الحياة، وتطال الإنسان والجماد والحيوان، خاصة عند سكان الصحارى والجبال والسهول. وحده المطر والغيث هو عنوان الحياة المزدهرة وزمن الخير والعطايا، الأرض تعطي كل خيراتها، والحيوان يعطي كل شيء مفيد فيه من اللبن والحليب، إلى التكاثر، ودعم الغذاء باللحوم والفائدة العائدة على المالك والمربي والراعي.
المطر «والحيا»؛ أي اخضرار الأرض وكثرة النباتات وخروجها في الصحاري والسهول والجبال، هي الحياة الزاهية وهي الخير كله، بينما لا يعني للبعض الآن «المحل»، وعدم سقوط الأمطار وانقطاعه شيئاً، خاصة في المدن، حضر المطر أو غاب، فإن البعض لا يعنيه ذلك، ولا يهتم به.
ولكن المطر عنوان الحياة للناس جميعاً، خاصة أهل الجزيرة العربية والخليج العربي، إرث قديم وتناغم بين هذا الإنسان والمطر والغيم، إنها الحالة الرائعة والمتوازنة للإنسان الصحراوي تغير المناخات وتجددها بين حرارة عالية ولهيب الصحراء والطقس الممطر أو حتى الغائم، منذ غابر الأيام والصحراوي يتأثر جداً بمرور غيمة ورحيل سحابة في السماء، فما بالك بالمطر! إن انقطاعه يشكل حالة من التأسف على عدم نزول قطرات ماء تحيي الروح، وتغير مزاج الناس.
لقد وصف الكثير من الذين كتبوا عن تأثير المحل في الناس والحياة، وكيف تغيرت حياة الناس في الزمن القديم عندما طال ومكث المحل سنوات طويلة، على الجانب الآخر كم من مواقع وأراض عمرت وازدهت في الجزيرة العربية بسبب «الحيا»، وخصوبة الأرض، ودوام هطول الأمطار في مواسمها، الآن لم يعد يعني انقطاع الغيث والمطر الشيء الكثير، لقد أبدع إنسان الصحراء بدائل، وزرع الكثير من الأفكار والمشاريع التي تعوض انقطاع الغيث، ولم يعد (المحل) القديم له أثر، وحده عشق المطر والغيم والسحب الممطرة هي إرث لا يرحل أبداً، وحب أبدي.