قد يخطئ الأبناء، وقد تزل أقدامهم في منزلق مؤذٍ لهم ولوطنهم، ولكن الجواب يأتي فوراً من القيادة الرشيدة، نحن هنا نرعى، ونربي، ونعاقب، ونحاسب، ولكن عقابنا لا يتجاوز حدود إسناد ساق الشجرة بحيث لا تنثني وتقع، وتذهب إلى الحضيض الذي يعرقل مسيرتها نحو غايات ترفع من الشأن ولا تحيق بالمصير.
هذه هي رؤية القيادة وهذه سجيتها، وهذا منهجها في العلاج، وهذا مبدؤها في حماية الوطن وأبنائه من مغبات الزمن، ومن عثرات الطريق، ومن الإغواء، والأنواء، والبلواء، والشعواء، والعشواء، هذه هي الأجراس التي تدقها القيادة في ذاكرة الأبناء، لكي يستوعبوا، ويرتبوا مشاعرهم على أساس الوعي الذي لا يخطئ الطريق إلى الحقائق، ولا يضل مواقع الحقيقة، ولا تغيب عنه الثوابت التي يتمسك بها كل محب لهذا الوطن، وكل عاشق لعطره، وسبره، وسيرته، وسورته، ومسيرته.
هذا هو ديدن القيادة، وهذا هو همها، وهاجسها، بأن يبقى الأبناء في منأى عن شراك الخديعة، وأفخاخ الخطأ، وأن يعيشوا الحياة من دون ضبابية، ومن غشاوة، ومن دون حجب، ولا نكب، حياة مفعمة بالوضوح، كما هي أشعة الشمس، كما هي سياسة البلد الرامية دوماً العيش تحت ضوء القمر، ومن دون مواربة ولا إبهام، ولا غموض، ولا رتوش، ولا غبوش، حياة مكسوة بمخمل الانتماء إلى الوطن من دون جمل معترضة، حياة رضية رخية، جلية، راضية مرضية بنعيم العيش الهانئ، هذه هي الرؤية التي تستنير بها القيادة وتعمل على تكريسها في وجدان كل من يقيم على هذه الأرض، وبالأخص الأبناء الذين تربوا على رائحة هذا التراب، وارتووا من عبقه، وسارت أقدام طفولتهم على رمله، واكتست أحلامهم من صور جباله وبحاره، وهضابه وسهوله، واستمدت عيونهم من بريق شمسه، وتألق نجومه، وتدفق زرقة سمائه.
هذا الوطن سيظل حضناً دافئاً، لكل المخلصين والصادقين، والعاشقين، والمتناغمين مع خطابه الشفاف، والمندمجين مع صوت نوارسه وهي تصدح من حنجرة واحدة، قائلة لك الروح سخية يا وطن، لك النفس والنفيس، ومن ينسى هذا النشيد، فإنه حضن أوسع من كل زلات الكون، وأخطاء الكائنين.
هذا الوطن خالد بصفائه ونقاء قيادته، ونجابة أهله، وطن لا تثنيه الرياح عن تحويل المنحنيات إلى مستقيمات، هي أوتاد لخيمة الحب، هي صوار لسفينة السفر الطويل.