أيام قلائل تفصلنا عن عيد الفطر، أعاده الله على الجميع باليمن واليسر والبركة، وفي هذا العيد ليس الزمان هو الزمان، لأن الظرف يفرض علينا توخي الحذر، من صولات قد تطيح بالفرحة، وتحول العيد إلى مكابدة وآلام وأحزان، لا شك أننا في مجتمع تربطه قيم سامية وعادات جميلة في مرابعها، أصيلة في منابعها، ونستطيع أن نفرح وأن نجتمع، ولكن بشروط تفرضها علينا الأزمة التي تمر على العالم أجمع، ونحن على أمل ومتفائلون بأنها زوبعة في فنجان وسوف تزول، بإذن المولى عز وجل، فقط المسألة بحاجة إلى الصبر، والتجلد بالاهتمام البالغ، لندرأ الخطر عن أنفسنا، ولنحمِ وطنَنا، ونسعد بعضنا، وإذا كان الحب هو الذي يدفعنا بالذهاب إلى أهلنا وأصدقائنا وأحبائنا، فإن هذا الحب أيضاً يدعونا لأن نحافظ على من نحب، وأن ندرأ عنه خطر الوباء، ونمنع عنه الشقاء، وهناك من الوسائل ما يسهل لنا الوصول إلى البعيد والقريب ومن دون معاناة، ولا تعب، والدولة قد سخرت كل أمكانيات التواصل الحديثة بيسر، وكل من يود قضاء أيام العيد من دون مشقة أو جلب الوباء إلى غيره، فإنه يستطيع أن يتخذ من الحرص درعاً حصينة تقيه شر المرض، ومن الابتعاد عن الأماكن المزدحمة وقاية تحميه، وتمتعه بالصحة والعافية.
ففي العيد تتدفق الصواني، والأطباق، وأشكال وأنواع من المأكولات، تزدهر بها الموائد في المجالس، والناس مهووسون برائحة الهريس ومكبوس اللحم، والعصيد، والخبيص، ولكن هذه الأطعمة اللذيذة قد تسحب بين طيات ملذاتها مساوئ، تؤدي إلى هاوية، والهاوية تقود إلى دموع الفقدان، والأحزان، عندما نفاجأ بإصابة أحد أفراد أسرنا، أو أحد أصدقائنا، نحن نعلم مدى أهمية هذه المناسبة، ولكننا أيضاً نفهم معنى أن نتجاوز حدود أهتمامنا بصحتنا، وضعف إرادتنا، أمام مغريات قد تكون هي الطامة الكبرى، التي تجعلنا نصفق بيدين خاويتين، وبعدها لن يفيد الندم، وما تحذر منه الجهات الصحية هي هذه النهايات المأساوية التي لا نتمنى أن تحدث لا لصديق، ولا لعدو، نتمنى أن يعي الناس جميعاً خطورة «كورونا» عندما يتمكن من جسد إنسان، ومدى فداحة خسارة إنسان فقط لأنه تسبب في إهمال نفسه أو أنه راح ضحية إهمال من غيره والله يحمي الناس جميعاً من الإهمال أولاً، ومن شر المرض ثانياً.