سدد لاعب الكرة، وسجل هدفاً، فجرى فرحاً، ولكن الحكم قرر إلغاء الفرحة، بإلغاء الهدف، بعد مناقشة سريعة وأحياناً طويلة، مع مجموعة حكام مساعدين يجلسون في غرفة مغلقة أمام مجموعة شاشات ويراقبون ما لم يره الحكم في الملعب، ثم يتفقون جميعاً على قرار.
في كأس العالم 2002 بدأت فكرة الاستعانة بالفيديو لمراجعة قرارات الحكام، وتقييمهم، خاصة أن هذه البطولة تحديداً شهدت الكثير من الأخطاء التحكيمية، لكن في نوفمبر 2009، أصبحت مراجعة قرارات الحكام قراراً يحتاج إلى التنفيذ، بعد تأهل فرنسا لكأس العالم 2010 على حساب أيرلندا بهدف سجله تيرى هنري باستخدام يده، وفى لحظتها انطلق اللاعبون الأيرلندون إلى حكم المباراة مارتن هانسون، وقال له اللاعب كيفين كيلبان: أنت ارتكبت خطأ فادحاً سيحدد حياتك المهنية.
اعترف هانسون بالخطأ حيث قال: كنت أعلم أن هناك شيئاً ما خطأ من طريقة رد فعل اللاعبين. لكنني لم أعرف ما هو الخطأ.
اعترف هنري أيضاً بأن الكرة لمست يده، لكن فرنسا ذهبت إلى كأس العالم على حساب أيرلندا، وكان ذلك منتهى الظلم، فهل حققت تقنية الفيديو المساعد العدالة في كرة القدم، أم أنها أفقدت اللعبة الكثير من إثارتها ومتعتها بالتوقفات الطويلة، وبإلغاء أجمل لحظات الانفعال التلقائي للاعبين والمدربين والإداريين والجماهير أيضاً؟
بعد أول موسم لتقنية الفار في الدوري الإنجليزي جاء في إحصائية أن تلك التقنية ساعدت في إصدار قرارات تحكيمية صحيحة خلال الموسم بنسبة 94 %، وفى كتابه «النفخ في الصفارة.. فلسفة التحكيم في كرة القدم»، قال الصحفي الإنجليزي ستيوارت كارينجتون: إنه سأل عشرات الحكام من مختلف الجنسيات رأيهم في تقنية الفيديو المساعد، فأجمعوا على أنها جيدة لأنها تساعدهم على اتخاذ قرارات صحيحة.
في المقابل انتقد مدربون تلك التقنية، ووصفها بعضهم بأنها هراء، وقال عنها يورجين كلوب مدرب ليفربول: «إنها تقنية تسلل أصابع».
بينما قال جون نيكلسون، مؤلف كتاب «هل يمكننا استعادة كرة القدم»؟ وأحد أبرز الرافضين للفار: إن اللعبة فقدت إنسانيتها، فالرياضة مطاردة بشرية، وبالتالي فهي معيبة في جوهرها.. وهذا يعود بنا إلى مقولة بلاتر القديمة: أخطاء الحكام جزء من اللعبة.
الأمر أعقد من هذا النقاش والجدل، فقد يبتلع أكثر من 50 ألف متفرج فرحتهم في أسف وغضب لإلغاء هدف، لكن عفواً هناك شركات وأموال ضخت في مشروع تقنية الفيديو التي غيرت من كرة القدم ومن فطرتها وتلقائيتها، ومن كونها مطاردة بشرية تحتمل الأخطاء!