يشرق في التاسع عشر من شهر مايو مهرجان الشارقة القرائي، حاملاً معه خيال الذين وضعوا الشارقة بين خيوط الشمس قيثارة، ومنارة، في هذه المناسبة سوف تكون لأطفال العالم مساحة ضوئية تسلّط على خيالاتهم، وترتب مشاعرهم، وتهذب رغباتهم، حيث سيكون الكتاب هو القاموس والناموس، والفانوس، سيكون الشجرة الوارفة التي بين أغصانها ستغرد عصافير الفرح، وتنشد طيور الحمام، وترفع النوارس تراتيلها البحرية، والموجة تردد النغمة بعفويتها الأبدية.
في هذا التاريخ ستكون للقراءة ذائقة الأحلام الندية، والخيال الواسع بسعة المحيط، وحجم اللواعج التي تملأ قلوب عشاق القراءة، ولون الأزهار التي تبثها شارقة «الإمارات» بين الربوع، والنجوع، وبين النجود وأعطاف الوجود.
تاريخ يشهد للرجال الذين يسهرون من أجل أن ترتاح الكلمة بين دفتي كتاب، ويتعبون من أجل أن تصبح القراءة كما هو الهواء، وكما هو الماء تتعطش له النفوس، فتتوق إليه ظمآنة، وتصبو نحوه بشوق، كما هي أشواق الزهرة الندى، كما هي صبوة المدنفين لقصيدة تشفي الغليل، وتملأ وجدان الحياة بالفرح، وبحبوحة العيش، وبذخ تناول معطيات الدنيا.
في هذا التاريخ تفتح الشارقة مختار الصحاح، وتسدي للصغار كي يقرؤون، وكيف يفتتحون نهاراتهم بقراءة ما يفيد، وتلاوة ما ينضج العقل، ويفتح أزهاره، ويجعل الجذور ندية وهي تمضي في طيات الذرى، وترشف من رحيق التراب السخي، في هذا التاريخ الشارقة تسكب في أوعية الصغار حليب الوعي، وتغدق وعيهم بسكر المهارات، والإبداعات، والأفكار التي تجعل حياتهم شجرة سامقة، بأغصان باسقة، عامرة بالثمار، والاخضرار.
في هذا التاريخ، في التاسع عشر من مايو، سوف يلتقي أطفال العالم على مائدة زاهية مزدهرة، زاخرة بجواهر ما أبدعته العقلية الإنسانية، سوف يلتئمون على بسط فيها من نخب البلاغة، وخصب النبوغ البشري، وسوف تكون الشارقة هي المايسترو الذي يدوزن أوتار آلة الفكر من أجل جيل يتجاوز حدود المعطى البسيط، والعادي، وينتقل بالعقل من مرحلة قد تكون «تشوهت» لأسباب ما، إلى مرحلة وجدت الشارقة أنها المكان الطبيعي لكل عقل طبيعي، الأمر الذي يجعلنا نشعر بالفرح بهذه المناسبة، لأنها مناسبة تعقد فصولها، لأجل إنسان جديد، وطفل يتخلق من خلال وعيه بأهميته كبذرة، ستأتي منها الشجرة العملاقة.