كم مرّت الأعياد علينا ونحن نلتقي ونحتفي ونحتضن الأقرباء ونقبّل الأبناء والأحفاد، ونزهو ونزغرد ونغني فرحاً وابتهاجاً بعيد الفطر المبارك. لكنما هذا العيد الذي يزهو به الناس فرحاً وابتهاجاً، أبى بسبب كورونا أن يجمعنا، كأنه وقف ضدنا، حتى صرنا نخشى علينا من ديمومة الحب في دمنا، أو أنها تحسدنا على كل عيد في كل يوم نحتفي فيه بلقائنا. لقد مر العيد ونحن لا نلتقي إلا على شاشة الموبايل نبث أشواقنا، ونرسل تهانينا وتبريكاتنا. فكيف يكتسب العيد فرحته وأنتم لا قربى ولا حنان لمسكم يلبسني ثوباً جديداً لأحتفي، ولا حنو أيديكم تعد الشاي وحلوى العيد لأشرق بابتسامتي وأشكركم. وفي كل عيد ينسى قريب زيارتي، أعذره. فطقس المشاغل يحول دون حضورنا. ومهما بلغنا من المحبة عمقاً وغبطة، يظل الشوق إلى لقياكم مشدوداً إلى خفقنا، ها إن العيد جاء، ونحن في لعبة البعد يلهو بنا كورونا، ونشهق مرة ومرة باحتدام أشواقنا. 
أتعرفون يا أحبائي كم افترقنا منذ بدأت جائحة كورونا؟، وكم صار البعد أطول من قربنا؟ أليس العيد أن يلتقي المحبون بالمحبين ويتذكروا حتى ممن ينسى الأحبة، فالعيد تقريب وغفران وتجديد. يلمّ العيد شمل الذين افترقوا لأسباب وأسباب، ويجتمع الأهل حول مائدة وأحضان واحتفاء وهدايا، وينسى المحبون والأصدقاء والأقرباء عداوة أثقلت قلوبهم وشطّ بهم البعد وطوّحهم غضبٌ وفرّقهم عتبٌ، ويلتئمون بفرحة العيد. فالعيد ليس فقط نهاية طقس الصوم أو ابتداء العام، أو فرحة الميلاد، لكنه الحب ناهضاً من سقطة النسيان، والقرب بعد قسوة البعد. 
فلو كنتم بجانبي الآن وأنا أخط بأحرفي سطراً إلى العيد، لكان العيد أعياداً وكل الموائد والناس حولها صخب وأفراح وضحك. لو كنتم قربي الآن كنت ارتديت أجمل أثوابي وزينت الزوايا بالفل والورد، ورفت خطاي كالفراشة من فرح ونشوة وترحيب. وسأحتفل كل يوم وكل عيد بكل أحبتي في القرب كانوا أو في البعد. فما البعد حين المحبة، إلا مسافة في الأرض، يجتازها الشوق كالبرق بأقل من لمح البصر. لو كنتم قربي سألبس أجمل أثوابي وأزهو بزينتي وأرتدي عقد الذهب في عنقي. وأعلق الأقراط الطويلة لتهتز على إيقاع فرحي. سأعد لكم الشاي المعطر بأنفاس محبتي، وأعد لكم الطعام مبهراً بما تحبونه. لعن الله هذا الوباء الذي حرمني من بهجة العيد بلقياكم!