هكذا دأب كل متخبط مفلس بائس، يائس، متوجس، نحس، برمي الآخرين بشرر لينفس عن عقدة دونية، ويرفع عن نفسه مركب نقص جثم على صدره كأنه الرمال المنثورة من عصف ونسف وخسف، وحرف ورجف.
هكذا لمسنا من زبد وزير خارجية لبنان المستقيل عندما أطلق العنان لضواريه الشاردة، وصار مرتجفاً لا يلوي سوى على تشويه الجميل، وتسويف الأصيل، ودحض كل ماهو أرقى، من كلمات بينت بأن في لبنان الرائع هناك من يعبث بالطين، ويلعب في الوقت الضائع، ويمارس الغماية، وهو يفتش عن مهرب لفشله كسياسي ضيّع لبنان، وأباح مصير ذلك الشعب المسكين، وأوغل في العدمية إلى درجة سرقة دم اللبنانيين، ووضعه في ميزان المساومات، والسوق السوداء السياسية، وإحراق تاريخ هذا البلد العريق، وذر رماده في أنهار الأجندات الرمادية، والسعي حثيثاً في إطلاق رصاصات الغدر، والشتائم، والسباب، والألفاظ النابية، والكلمات البذيئة، وبسعرات حرارية عالية صار هؤلاء يغادرون موقع الحقيقة، ويهبطون عند محاضر اللغو، واللهو والإساءة للآخرين من دون وجه حق، حيث أصبح التهريج منطقة خصبة لهؤلاء، وتربة تنتشر فيها الأعشاب الشوكية، وتمارس الحشرات الضارة، أذاها لكل من صعد العلا، وكل من وصل إلى هامات النجوم.
وزير خارجية لبنان المستقيل، وصف الخليجيين بالبدو، ويعتقد هذا المتهور بأن البداوة سبة، ويظن بأن الذين جاؤوا من صحراء الأحلام الزاهية يعانون  شح البصيرة والتدبير، كما هو بلده الذي شيع إلى مثواه الأخير عندما صعد إلى المشهد السياسي، كل ذي باع طويلة في اللعب بالألفاظ، والغوص عميقاً في متاهات اللغة، والتوغل في أتون السياسات الرخيصة.
البداوة، يا متحذلق، شرف عظيم ننتمي إليه بكل جدارة ورفعة، وشأن قويم.
البداوة هي التي وقفت مع بلدك وأنت تزحف تحت ركاب العوز، البداوة هي التي وضعت ميزان دول الخليج العربي عند هامات النجوم، فاحترمها العالم وأجلّها، وقدرها وصار لها موقع على الخريطة العالمية لا تحلم به أنت ولا سواك.
البداوة هي منهج وهي طريق إلى النقاء والصفاء، وهي مهبط النجباء والأنبياء، والذين صنعوا التاريخ يوم كنت أنت في مهد جهلك، وغيك، وبدائية وعيك.
البداوة في اللغة تعني البدء والنشوء الصحيح على أرض لم تغشها غاشية الهرطقة، والطقطقة، والنقنقة، وهي في الأصل حلم الطير في سماء لم يغبشها ضجيج من ضجروا، ومن هجروا الحقيقة إلى مناطق الوهم، والمغالاة في الكذب والتدليس.
ستبقى المملكة العربية السعودية تاجاً على رأسك، وستبقى دول الخليج الراية البيضاء المرفوعة على صواري سفن السلام والوئام، والقافلة تسير، ولينعق من ينعق، وليرهق من يرهق، فالجبال لا تهزها رياح الحماقات.