تشجير الأرض، وتلوين لوحة الطبيعة بالأخضر اليانع، والزهري اليافع، إنما هي خطوة باتجاه وضع مرآة الوطن بعيداً عن غبار الزمن، وفي منأى عن سعار اللهيب القابض على صدر التراب، القادم من أتون صيوف حانقة. 
عندما تجد طيراً يهفهف بجناحين شفيفين على غصن شجرة، وارفة الظل، تشعر بإنسانية هذا الوطن.
عندما تلاحظ شخصاً تائهاً يتفيأ رهاف الشراشف عند جذع شجرة تشعر بملائكية التفكير في هذا البلد.
عندما ترى مخلوقاً ضعيفاً يمد لساناً ويغمض عينين مسغبتين، لائذاً إلى الظل، تحس أن الإمارات تسمو بالعالم، ومخلوقاته بهوية المشاعر المرهفة، والقلوب المدنفة بحب الحياة، وعشق الجمال، والتفاني من أجل أن يستمر الكون أخضر، مبللاً بعطر الانتماء إلى وجود توحده ذاكرة المآثر النجيبة، والأثر اللبيب، تشعر في هذا المسعى الذي تلبيه بلدية أبوظبي بأن الإمارات يشكل هيئتها فنان ينحت تمثالها بإزميل التفاني، والصدق، والإخلاص، وأن ما يزهر فوق الأرض، إنما حذره في قلوب عشاق الجمال، ومحبي الأناقة، هؤلاء هم أبناء الإمارات الناهلون من معين المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والذي أنبت الزرع، كما صفد بيت القصيد، كما جعل من الوطن رواية محبوكة التفاصيل، مسبوكة النسيج، كما رفع من ذائقة الإنسان، ولون مشاعره من أخضر البساتين.
وإذا كانت الصحراء علمت المغفور له، كيف يرتقي بوزن القصيدة، وكيف يرتب مشاعره، كما هي عناقيد النخلة، فإنه علم الإنسان الإماراتي كيف يواجه عنت الطبيعة، بصرامة الإصرار على العيش بأحلام الغافة الطالعة على ربوة أو تلة.
اليوم والإمارات تسير في نهج زايد، وتمضي بركاب الخير نحو فرح القوافل وبهجتها، وانشراحها، لأجل وطن تطوقه الشجرة، بقلائد الحبور، وتعانقه السنابل بأهداب الفخر، لترفل مشاعره بثوب الفخامة، وعقال البذخ، وليمضي في دروب الحياة مكللاً بالتفاؤل، وأنسام الأمنيات البيض، والآمال العريضة. 
عندما ترى شجرة في زاوية أو بالقرب من رصيف، تشعر بأن العالم يتهيأ لعرس، أو يتأهب لاحتفال بهيج، فتصفق مشاعرك محيية الأيدي التي زرعت، والتي سقت، والتي رعت، والتي اعتنت، والتي بذلت من العرق ماء زلالاً لكي تنمو الشجرة، وترفرف العصافير.