هم أولئك الذين تهذبت مشاعرهم، فذهبت في رياحين وبساتين العطاء تسبك العافية بخيوط الذهب، وتحيك معاطف الحياة بأهداب أشف من رموش الشمس، من أجل أن يضيؤوا حياة الناس بالفرح، من أجل أن يصيغوا الجواهر قلائد على النحور، والصدور ومن أجل أن يصبح الوجود منارة والأرض قيثارة. هؤلاء استحقوا الإقامة الذهبية ونالوا شهادة التميز من لدن حكيم يقلد الأوفياء ما يستحقونه، ويميز النجباء بما يليق
بهم، وما يحقق للوطن من سيرة لا تشوبها شائبة، ولا تعرقلها عاقبة، ولا تعيقها خائبة.
الأطباء في الوطن رمح الدفاع الاول، هم السيف، في صدر النائبات، هم الطيف في لحظة المباغتة، هم العين التي ترى، وهم السمع الذي يصغي لدفقة القلب عندما يكون القلب في مأزق قارعات الألم.
الأطباء في خضم الحومة، كانوا هم الظل، كانوا الخِل الوفي، يسهرون لننعم بالصحة، ويشقون لنسعد بالحياة، ويسكبون التعب على أرواحهم لتشفى أجسادنا من تباريح، هؤلاء عندما نتابع حشرهم، ونشرهم وهم يلوبون في المصحات، العلاجية كنا نشعر مدى ما يقدمونه من جهد وبذل، من أجل أن نعبر المحيط بسلام، ومن أجل أن تمر العاصفة ومن دون خسائر. في الوقت الذي عاش فيه العالم أزمة كورونا، والخوف يتشبث في الأعناق، كان أطباؤنا يمسكون بتلابيب المرض ويطاردونه، ويلاحقونه، بقلوب ملؤها الايمان بأن الصبر ملح القلوب، وأن النضال من أجل حياة الناس هو أكسير تعافي المجتمع، هو حرز الشفاء، هو تميمة الخروج من صهد الوباء اللعين.
أطباؤنا، أحباؤنا، رفاق الدرب الطويل، غادروا بيوتهم، تاركين أطفالهم في عهدة الخالق وغابوا عن أسرهم، لأجل أن يعود المصابون إلى بيوتهم وهم يرفلون بأتم الصحة، ومن أجل أن تزول الجائحة، ويسطع نور السعادة، وتعود الأمور بلا خسائر، ولا مفقودين. 
هكذا تعامل الأطباء مع الظرف العصيب، وهكذا واجهوا اللحظات الصعبة،  بقلوب لا ترتجف، وعقول لا تستخف، وأرواح كأنها أجنحة الطير، ترفرف، وتخفف، وتجفف دموع من عاشوا لحظات عسر، هكذا وجد أطباؤنا، أحباؤنا أنفسهم في صلب الموقف الرهيب، يكابدون المشقة، لأجل أن نعيش أصحاء، لذلك استحقوا التكريم، وهم أهل له.