لا يخفى على متابع أن «تنظيم الإخوان» يقف حالياً أمام مأزق كبير، بل ومعضلة وجودية، فالانتكاسات تتوالى، والخسائر أكثر من أن تحصى، وآخرها في تونس.
داخلياً، يعاني «التنظيم» من انقسامات وانهيارات حادة، وانسحابات متزايدة، وتفكك تنظيمي وفكري، بالتوازي مع غضب يشتعل داخل قواعده.
أما على مستوى الرأي العام العربي فحدّث ولا حرج، فالمسكّنات ما عادت تجدي نفعاً، و«الشعارات الرنانة» لم تعد تنطلي على الشارع، فيما العبء يشتدّ على الرعاة الإقليميين الذين باتوا يراودهم التفكير في التخلص من «الجماعة»، خاصة بعدما أصبحت خارج الخدمة والتجربة في دول عربية كبرى، فضلاً عن سمعتها السيئة في المجتمع الدولي.
ونرى أن سقوط «الجماعة» في عالمنا العربي كان أمراً حتمياً، خاصة بعد أن انكشفت بوضوح بشاعة «ربيع الفوضى» بكلّ أوهامه وترّهاته، فيما وقفت الشعوب على عنف «التنظيم» الحقيقي، وأدركت أنه تنظيم إقصائي، يحتكر تمثيل الإسلام، وينكر الدولة الوطنية، بل ويبيح الخروج عليها، ويتبنّى شعارات دعوية، يتخفى خلفها شعار رئيسي هو: «الغاية تبرر الوسيلة».
كان السقوط حتمياً، لأنّ «الجماعة» وضعت الأوطان في سياق مكتمل للجريمة والكراهية خطاباً وسلوكاً وانحيازاً، بينما الشعوب بطبيعتها ترنو إلى العيش في مجتمعات متنوعة متعاضدة تنبذ التطرف وتمقت الإرهاب وقوى الظلام.
كان السقوط حتمياً، لأن «الجماعة» وقفت ضد الحريات وحقوق وكرامة الإنسان والمساواة الفعلية بين المرأة والرجل، وأقصت وشيطنت كل من يخالفها، بل واعتمدت سياسة القفز على القوانين وخرقت استقلال القضاء.
كان السقوط حتمياً، لأن الشعوب تنتمي إلى الأوطان لا إلى الأيديولوجيات، وتؤمن بأن كل ما تحتاجه البلاد هو الاستثمار في مواردها لصالح تنمية وطنية حقيقية، لا إلى جمعيات تستخدم كستار لغسيل أموال «الجماعة».
على كل حال.. «الإخوان» اليوم نحو الخروج من المعادلة تماماً، وفي طريقهم لأفول دائم، ولم يبق إلا «المتضررون» من سقوطهم في الإقليم، ونظنّ، وليس كلّ الظنّ إثم، أن الأيام المقبلة حبلى بالكثير من الأحداث التي ستجعلهم يفيقون من أوهامهم، ويحصون خسائرهم، وما أكثرها.