- كثيراً ما أُشفق على الأمهات وهن يوصلن أولادهن في سياراتهن في الساعة السابعة صباحاً إلى المدرسة، وتكون المسكينة لا شاربة فنجان قهوتها، وتشعر بلوعة في الكبد، لأنها لم تنم ليلتها كما ينبغي، وفي بطنها حيسة من التوتر بين إيصالهم في الموعد، وذهابها لعملها دون تأخير، ويظل الأولاد يتكلمون معها بالإنجليزي، ويسألون أسئلة في الرياضيات تعدّ بها من سنين، ويتنقلون بسرعة من موضوع لموضوع، الله يجازيهن خير الجزاء على صبرهن وتحملهن، الآباء فاشلون في هذا بامتياز!
- ترا.. الشعب العربي هلكنا بظهور سهيل، وقصورهم يتلقونه من بعيد، والترحاب به كأفضل الضيوف، وكأنه «بابا نويل» محمّل بالهدايا والبشارة بالثلج، وهلكونا من ترديد عبارة: «لن يبرد البراد، لين يهمد الخصاب» دخلنا في الشهر التاسع وما بانت الشيفة، ولا عرفنا متى وضع الحمل؟ ومتى سيخف هالحر؟ أنا أعتقد ما أحد بيخلي هالحر لين نهاية شهر أكتوبر إلا سهيل هذا!
- يتوافق في الثاني من سبتمبر اليوم الوطني لفيتنام، واليوم العالمي لإطلاق اللحى، ومن يعرف منكم صورة ذلك الثائر والوطني الفيتنامي «هو تشي منه» الذي درس وعاش في باريس، وانتسب للحزب الشيوعي الفرنسي، وأسس الحزب الشيوعي الفيتنامي، وقبلها هاجر إلى بريطانيا وعمل فيها، وكان الرفاق ينادونه بـ «العم هو الطيّب» قاد ثورة التحرر الفيتنامي، كان يتحدث الإنجليزية والفرنسية والروسية والفيتنامية، كان شاعراً وصحفياً وعسكرياً وسياسياً، توفي عن 79 عاماً بقصور في القلب، عام 1969، عرف بتلك اللحية الثائرة المميزة، مثل رفاقه الثائرين الماركسيين في كل مكان، تذكرت ذلك وأنا أقلّب روزنامة التاريخ، وأقول: هناك رجال لا يجود بهم الزمن كثيراً.
- في ناس يقطعون عليك لذة الاشتهاء، قلنا إن «الكافيار»، وخاصة «البلوغا» لذيذ ومفيد وغالي، بس الناس ما تريقه على كبد طريّة، وإلا الذين يغرّون عمارهم في الفطور تلك اللحوم الحمراء المقددة والمشحمة والنقانق التي تقصف العمر، والسجق والسلامي، عيل شو خليتوا لحفلات الشواء «الباربيكيو» خاصة الظهر في الحديقة؟ يوم يكون حولك ناس طيبون، والدنيا سهالة على الطريقة الأمريكية، وخذ من هذا، وخلّ هذا، ولا تقرب إلا الطيب من الأمور.. صدّق في ناس مستعجلين على الرزق الطيب في وقته.
- زمان.. حين تكون هناك فعالية ثقافية أو فنية أو حتى اقتصادية تجد المدعوين من ذوي الاختصاص والاهتمام، الآن.. نصف المدعوين من رجال ونساء الـ «سوشيال ميديا» تجد المحاضر ينحت في الصخر، ويأتي بتلك المصطلحات العميقة ليبسطها للحضور، و«الفاشنيستات» يتخطرن بين الصفوف ما يخلن صحن ما يصورنه، وعيونهن على هذا وذاك، واستعراض للعباءات و«الماركات»، والرجال ممن يمتهنون ذات الصنعة «بلوقر» أو مدون أو صانع محتوى، تجدهم يركزون على الحضور، وعلى الذات المتورمة لديهم، معتقدين أنهم يصنعون حُسناً، حتى إنهم ينسون أن يظهروا ذلك المحاضر الذي يتصبب عرقاً، مجتهداً فيما لا نص فيه، محاولاً إخراج الفعالية من البهرجة الإعلامية إلى الفائدة العلمية!