استكمالاً لما كتبته الأسبوع الماضي حول تعفف أغلب الناس عن الحديث عن سقطاتهم وزلاتهم وأيامهم المظلمة، وهم في ذلك مذاهب، ما زلت أصر على أني لست هنا للحكم على الطريقة التي يتعامل بها الناس مع تجاربهم وسيرهم، وإنما أجدني معنية وبشدة بالجدوى الحقيقية من سِير يحكي فيها أصحابها عن طرق معبدة مفروشة بقدراتهم وإمكانياتهم المبكرة اللامتناهية، وحب الآخرين وتشجيعهم لهم..!
أغرمت مبكراً بقصص الملهمين، فأشغلت نهمي المعرفي منذ وقت مبكر تجاه قراءة سِير الشخصيات المؤثرة، سيما أولئك الذين تمكنوا من شق الصخر ومعاندة محيطهم الاجتماعي، أولئك الذين قدموا تجارب فريدة خالفت المعهود في واقعهم.. وجدت ذلك في الكتب والمجلات المترجمة، ولم أحظ -للأسف- بمقابلة الكثير ممن هم كذلك..!
الأمر -في رأيي- لا علاقة له كما يصر البعض بأنني ألهم بقصص الأجانب وأتجاهل قصص من هم حولي، ولا علاقة له كذلك بأن محيطنا العربي فقير بمثل هذه النماذج كما يعتقد آخرون، إنما بسبب -حسب رأيي- ثقافتنا الاجتماعية التي تعوق أصحاب القصص الملهمة من الحكي علناً عن المعوقات التي واجهوها قبل أن يصلوا لنقطة النجومية، مما يجعل قدرتهم في التأثير على الآخرين وإلهامهم جداً محدودة ومحصورة في أضيق الحدود، وللأسف بشكل مشوه..!
الملهمون أناس واجهوا حياة صعبة تخللتها مآسٍ ومِحن تمكنوا من تحويلها إلى منح، وعراقيل عدة واجهوها بالعمل والإصرار، وظروف استثنائية تعاطوا معها بصبر، لهذا كان وصولهم لأهدافهم مدوياً جداً، وطالما لم تُحكَ هذه الحياة -بكل بؤسها للآخرين- فلن تكون ملهمة.
إننا محوطون بعقليات قد لا تحترم من يتجرأ ويحكي عن البؤس والفشل والعراقيل التي واجهته قبل أن يحقق نجوميته، فتجد من يستخدمها «سُبة» للشماتة والاستخفاف!