الصراع هو جوهر كرة القدم، وهذا ما جعل مباراة ليفربول وبرينتفورد في البريميرليج مثيرة وممتعة، خاصة أنها كانت «معركة مفتوحة» بين فريق يريد المركز الأول، وفريق يحتل المركز العاشر. وصحيح أن اللقاء شهد 6 أهداف، إلا أن المحاولة والمحاولة المضادة هي التي صنعت تلك الأهداف، لكن في كرة القدم أوجه جمال متعددة وليست بالضرورة أن تشهد مباراة أهدافاً كثيرة كي تصدر المتعة إلى جماهير اللعبة، وهكذا كانت مباراة مانشستر سيتي وتشيلسي، التي انتهت بهدف سجله البرازيلي جابرييل جيسوس في الدقيقة 53 ليفوز السيتي على مسرح ستامفورد بريدج، واعتبر الإعلام هذا الفوز انتصاراً شخصياً لجوارديولا على توخيل، وبعنوان يقول: «جوارديولا يثأر من بطل أوروبا».
هذا العنوان ليس له علاقة بنتيجة المباراة التي انتهت بهدف واحد بقدر ما ارتبط بأداء مانشستر سيتي، وسيطرته وتفوقه في الملعب على منافسه الذي يحمل لقب بطل أوروبا، فمن خيال الإعلام أن يحمل فريق تاريخه وألقابه السابقة والأخيرة وهو يخوض مباراة هي في النهاية مثل فيلم سينمائي ليس له سيناريو مكتوب ونهاية معروفة !
تضمن تحليل المباراة أنها كانت الأولى بين الفريقين منذ أن التقيا في نهائي دوري أبطال أوروبا في 29 مايو الماضي عندما فاز تشيلسي بالمباراة 1/ صفر ليحرم مانشستر سيتي من التتويج باللقب الأوروبي للمرة الأولى في تاريخه، وأن الفوز كان مهماً للغاية لمانشستر سيتي ومدربه الإسباني جوارديولا، لاسيما بعدما مني الفريق بثلاث هزائم متتالية أمام تشيلسي.
هكذا يصنع الإعلام مبارزة بين فريقين، وبين لاعبين، وبين مدربين، وهي مبارزة معززة بأرقام، وقد سبق اللقاء هذا السؤال: «هل يكون توخيل أول مدرب يهزم جوارديولا أربع مرات على التوالي؟»
إن التطور المذهل في صناعة كرة القدم واكبه تطور كبير في تناول الإعلام للأحداث الرياضية، فلم يعد كافياً استخدام الفعل «فاز أو خسر».. وإنما لابد من صناعة دراما تضفي على مسارح المباريات إثارةً وترقباً. مع ملاحظة أن الليجا الإسباني حقق الكثير من مبارزات ميسي ورنالدو، وينتظر البريمير ليج مبارزة بين صلاح ورونالدو. لكن المبارزات الفردية تولد من بطن المبارزات الجماعية ومن بطن قوة فريقين.
** لست ضد خيال الإعلام، وإنما هو مجرد تسجيل لواقع فرضه اتساع دائرة التغطية الرياضية، وتنوع الوسائل الإعلامية، بجانب سرعة الإيقاع، وشدة السباق وعنفه، خاصة أن الخبر في حد ذاته لم يعد خبراً، وإنما ما وراء الخبر هو القصة، فهل توجد قصة بلا خيال؟!