تلك عبارة تدل على الندم على وقت مضى، وعلى غياب ناس من ذهب، ونقولها دليلاً للتحسف والتأسف والتأسي على أيام وناس ذهبوا بخيرهم، ولم نعرف شرهم، هي تذكر الناس الطيبين وأعمالهم الخيّرة، وأفعالهم وإحسانهم وفضلهم الذي يعم ولا يخص، من الحالات التي نتذكر فيها ذاك الوطر، ونذكر ناسه الغالين:
- تكون جالساً، رابطاً رأسك من دون وجع، تتفكر كيف ستكون سنتك هذه من السمان أم من العجاف، خاصة مع انقطاع المطر، وجفاف الضرع، ويباس الأرض، وفجأة تسمع مهاتفة يبشرونك بأن شيئاً دخل في ميزان حسناتك في بنك أبوظبي، فتصيح: «عمّار يا أبوظبي.. عمّار يا بيب الظنة».
- وين ذيك الأيام التي تُصبِح الصبح، وإذا تلك الشاحنة «ريكفري» عدال باب بيتك، والله ما بتلقاها واقفة تجر سيارتك الخربة إلى مصفح، لكن بتشوف على ظهرها ذاك «النيسان أو الكروزر أو الرنج الجديد موديل سنته»، عطايا ذاك الوقت وناسه.
- من الكلمات التي انتهت صلاحيتها من قاموسنا المحلي، كلمة: «ورفجه»، والتي تعني عن ألف يمين، الحين تلقى الواحد في مدينته، وأنت الغريب عنها، فلا يصر أو يلح أو يعزمك تلك العزيمة القديمة التي يتشبث بك وبأطراف ثيابك، الآن الهزيمة ولا العزيمة، والبعض منهم حين يأتي على نفسه، ويريد أن يتحمل ويتجمل يعزمك عزايم من بُعد، وبالإنجليزية لأنها محايدة بالنسبة لعزيمة العرب، ولغتهم الفاضحة، الواضحة في خصوص الكرم والجود وتقديم القِرى للضيف، ولو عقر الواحد منهم حصانه الغالي والوحيد.
- «راحوا الأولين.. راحوا»، الحين لو يشوفونك الراجلون في سيارتهم، وأنت واقف على الرصيف معطوباً، وحيداً على طريق أبوظبي العين، وأنت تؤشر بيدك التي بلا حيلة، تنتظر مساعدة على الطريق، تجدهم يفضلون أن يمروا عليك مثل البرق أو «المشخاط»، والذي بقي فيه شيء من جميل وصنع الماضي يفضل أن يتصل بـ«ساعد» ليساعد، وبذاك يبرئ ذمته، ويتخلص من عذاب الضمير، ووصايا الأهل الأولين.
- الحين تخطف على باب بيت جارك، وَتْروَح رائحة غدائهم الطيب، وتظل «يَرْعبتك» هابطة صاعدة، وتشتهي لو تتطاعم من غدائهم الطيب ذاك النهار، لكنهم يأكلون بعضه، ويرمون الباقي في «كَدّافة البلدية» ولا يذيقونك من غدائهم الذي اشتهيته، وبقيت تتوحم عليه طوال ذلك اليوم.
- الحين.. تظل تتفكر وتتعجب من الوقت وخلق الله، وكيف صارت الأمور، حتى شفايا الحج انقطعت.