العصر الذي نعيشه اليوم، ومع الانفتاح المعلوماتي الهائل، وفيضان المنصات ذات المحتوى المتعدد، يبدو معه الأمر وكأنما خرج عن نطاق السيطرة، إذ لم تعد لأساليب المنع والحجب أي جدوى أو فعالية، لذا يجب الرهان على دور كل أب وأم في توعية الأبناء للوصول للمعلومة الصحيحة، وتفنيد أي مغالطات تصل إليهم عبر فوضى المنصات والوسائط. مناسبة الحديث مقطع من مقابلة لإحدى الفضائيات التي لا يعرف لها بلد، مع سيدة جرى تقديمها على أنها باحثة أكاديمية يسبق اسمها حرف «الدال»، تحذر فيها مجتمعاتنا العربية مما أطلقت عليه «الجندرة» -وتقصد «التوازن بين الجنسين»- ومن حديثها والنقاط التي طرحتها والتحذيرات التي أطلقتها، يتكشف مقدار جهلها الشنيع بما تتحدث عنه، ومقابل جهلها كان مقدم البرنامج أكثر جهلاً منها، ولكنه يبدو أنه كان مطلوباً منه ذلك لتمرير أكاذيب ومغالطات الهانم «الدكتورة»، التي اعتبرت نفسها اليقظة الوحيدة العارفة بخبايا وتفاصيل تضمنتها اتفاقات وقعت عليها الحكومات! وأن تلك الاتفاقات تلزمها بإجراء تغييرات شاملة في المناهج التعليمية والقوانين وغيرها لتواكب متطلبات «الجندرة»!
أكاذيب أمثال هؤلاء قد تنطلي على بعض الأغرار الذين لا يدركون الأبعاد الخفية من وراء الترويج لأمثال المتحدثة إياها، وهي مسؤوليتنا كأولياء أمور أن نوضحها، فالأمر أبعد من نقد أو ملاحظة أو تحذير، فأمثال هؤلاء يستهدفون إيجاد فجوة بين المواطنين وحكوماتهم، يسهل من خلالها تعبئتهم ضدها واستخدامهم لأجل غاياتهم وأهدافهم المسمومة.
الذين يقفون وراء تلك الأكاذيب يعانون الفشل الذريع والإخفاق الكبير في مجتمعاتهم، بسبب نظرتهم المتخلفة والمتحجرة لقضايا المرأة والتوازن بين الجنسين، لذلك نجدهم يتلقفون مثل هذه الأباطيل والطرح المشوه ليحاولوا إقناع غيرهم بها. أما المجتمعات التي اهتمت مبكراً بالمرأة والطفولة فنجدها قطعت شوطاً كبيراً في مسيرتها التنموية، لأنها وضعت ثقتها في قدرات المرأة وطاقاتها، وعملت على تمكينها في مختلف المجالات. وتعد تجربة الإمارات في هذا المجال من أهم التجارب، ليست على مستوى المنطقة فقط، وإنما في العالم. وهي شاهد على حجم التغييرات التي شهدها المجتمع من دون التخلي عن قيمه الأصيلة وهويته الوطنية، فقد صنعت تجربتها الخاصة التي يشار إليها بالبنان، وأضحت محل تقدير الجميع.
علينا أن نغرس في أطفالنا أنه ليس كل ما يرد في وسائل التواصل الاجتماعي صحيحاً، ونعلمهم القدرة على تمييز الصالح من الطالح.. حفظ الله الجميع.