مثل جدول يسيل في عروق الأشجار، مثل حلم بهي يترقرق تحت الجفون، مثل فراشة توزع عطر وردتها بين الأزقة، مثل أجنحة تمشط قبعة السماء بريشة الفرح، مثل غيمة تمرق بين ضلوع السنابل، مثل بهجة تغسل وجنات وخدود، مثل أبجدية تلون اللغة بحروف من ذهب، مثل ابتسامة تتمشى على شفتين مكتنزتين بنخوة العفوية، مثل طيف لطيف منيف، يحيك قماشة الأمل بمغزل المشاعر اللدنة، مثل أغنية تطوف بأطراف النوايا، فتجعل الحي القديم في آخر التضاريس يحتفل بميلاد صوت بلا حشرجة، مثل قصيدة عصماء تنيخ بعيرها عند مضارب الصدق، مثل نخلة تضع العناقيد ما بين أنملة، وخصر، مثل غافة عكفت على قراءة أسئلة الرمل، فتماهت والنجوم بريقاً، أنيقاً، متدفقاً برونق الكائنات النبيلة.
هكذا تبدو منطقتنا اليوم، تزخر بروح متعافية من شوائب وفقاعات، مندمجة مع الوجود في فرحته، واتساع حدقاته، وارتفاع صواريه، وجمال فضائه.
اليوم تبدو هذه المنطقة تستعيد عافيتها، وتنهض من فراش العلل، وتسرج خيولها نحو أهداف سامية، حقيقية، تضعها بين الأمم سراجاً منيراً، وقاموس محيط، ينثر ضياءه في الوجود، ويمد يداً صافية من غير سوء، ويجتمع الأشقاء على مائدة الوفاق، وتلتئم نواصيهم، وتتحد آمالهم، ويصبح الواحد في الكل، على صهوات ركاب الخير والتسامح، والمحبة والوفاء لشعوب طالما انتظرت هذه اللحظات الحاسمة التي تلفظ البغضاء، لتحل مكانها مشاعر الحنان، والأخوة الإنسانية.
المنطقة اليوم تكتسي بحلة الوعي بأهمية أن نكون معاً على الدرب الطويل، من أجل أوطاننا، ونهضة شعوبنا، ومن أجل أن نفوت على الحاقدين فرص الانقضاض على مقدراتنا، واستغلال خلافاتنا لصالح أغراض عدائية، شرسة ومريبة.
اليوم منطقتنا تذهب إلى الحياة، بعيون يشع منها بريق الأمل، وجباه تنبض بشموخ النخوة، ورسوخ المبادئ القيمة، والتي تحفظ للجميع، حقه في العيش آمناً، مستقراً على أرضه، مستفيداً من علاقته مع الآخر في تنمية قدراته، وتمتين إمكاناته، ومن دون، المساس بمصالح الآخر، أو الإضرار بها.
وهكذا سعت الإمارات دوماً في تأكيد علاقتها بالآخر، على مبدأ حسن النوايا، ونقاء السجايا، وتكافؤ القول مع الفعل.
هكذا بنت الإمارات قناعاتها منذ نشوء الدولة، وعلى أساسها وسعت من أشرعة السفر إلى الآخر مؤمنة بأننا جميعاً في العالم نعيش تحت سماء واحدة، وعلى أرض واحدة، وحتى ننظف سماءنا من الغبار لا بد من علاقات سوية، وحتى نطهر الأرض من أثر الحوافر السميكة لا بد من صدق في زراعة الأحلام.