من لم يزر معرض إكسبو 2020 حتى الآن، فقد هَمّشَ نفسه وتركها في مثلث لم تنفرج أضلاعه ليرى أضواء المستقبل تنعكس في ظل حاضرنا البهيج. الإمارات خيالٌ لا يصدقه أحد، أقول ذلك بكل ثقة، فقد تقاسمت طاولة طعام في المطعم الذي يتبع الجناح التايلاندي مع عائلة سويدية، فجلس الأب يخطط للجناح الذي ستزوره العائلة بعد الغداء، والأبناء يبحثون في الشبكة العنكبوتية عن المعلومات التي لامست عقولهم من زيارات اليوم الذي بدأ عند العاشرة صباحاً، والأم تطلب الطعام وتحاور الأسرة كلما أمكنها ذلك. وقالت الابنة ذات العشر سنوات لوالدتها: ما فهمت منه أن اسم دبي القديم هو الوصل؟ فقال الأب: هناك ناد لكرة القدم بالاسم ذاته! فنظرت إليهم وقلت: «عفواً، لأنكم أسعد شعوب العالم، أود أن أرفع مستوى تلك السعادة، فأنا من الوصل وأشجع نادي الوصل. هل آخذكم في رحلة سريعة في الوصل؟ تركوا ما بأيديهم وساد صمت وكأنني في قاعة محاضرات. فقلت لهم:«إنها نعمة من الله عز وجل أن جعل لدبي شرياناً نابضاً اسمه الخور وهي من بداية التاريخ ونقطة التقاء وتواصل بين الحضارات والقوافل وبين المسافرين والمرتحلين، وكلمة «وصل» تعبر عن اللقاء والاجتماع والقوة والاتحاد والإنسانية والعطاء والتسامح والمرونة واحتواء الآخر».
وبعد حوار طويل وممتع نسج الماضي بالحاضر وتطلعات المستقبل وقلص المسافات بين بلدينا، تبادلنا أرقام التواصل وقال كلاوس:«شكراً جزيلاً.. يا عائشة لقد عرفنا السعادة الحقيقية منذ قدمنا إلى بلادكم وما لمس روحنا من جمال أهل الإمارات وكرمهم وكل هذا الإبداع الذي سيتحدث عنه العالم لعقودٍ قادمة». وقالت هيلجا:«زرت جناح المرأة وتغيرت في ذهني مفاهيم حلت محلها عناصر التقارب والالتقاء الإنساني، وما سحرني هو أن كل هذه الإنجازات والخطط المتعلقة بالرقي بالإنسان على مختلف الصُعد لم تتطلب أي معاناة، بل ارتأت قيادتكم الحكيمة نهجها كخطط للمستقبل وشملت حتى المقيمين». وقال إيثن اليافع:«السؤال الذي يدور في ذهني أننا للتو نستوعب كوكباً جديداً اسمه الإمارات، والإمارات تدور حول المريخ وكواكب أخرى.. أليس ذلك كثيراً؟»
للعارفين أقول، في نهاية الغداء قلت للعائلة السويدية: نعم يا شركاء السعادة وأصدقاء المستقبل، إكسبو 2020 جعل العالم صغيراً وزرع الأمل والطموحات الكبيرة في الأنفس والعقول، وكما نتحد- نحن الإماراتيين- مع قيادتنا لإنجاح كل مشاريعها، نتحد مع العالم قلباً وقالباً في بناء جسور للثقافة والحوار لاسيما والإمارات «عاصمة العالم».