أجد حاجة، هي من الضرورة التي تفرضها السياقات الحالية لكرة القدم الإماراتية، للعودة إلى الملف القوي والثقيل الذي أنجزته صحيفة «الاتحاد» بحرفية عالية عن «التراجع المخيف» الذي تعيشه الكرة الإماراتية في السنوات الست الأخيرة، تراجع تبرره رقمياً لا عاطفياً ولا حتى انطباعياً، المحصلة العامة للمنتخب الأول وللأندية «المحلقة» في سماء أبطال آسيا، محصلة «بئيسة» لا تترجم ما هو مرصود للكرة الإماراتية من قبل القيادة، من إمكانات «لوجيستية» لا تتوفر لكثير من دول الجوار، أو حتى المنتمية إلى شرق القارة. 
أمعنت في قراءة ما انتهى إليه التشريح، وما صاحبه من تحليلات وتعقيبات لفنيين جايلوا الكرة الإماراتية، وخبروا جيداً تضاريسها، وحتماً وقفوا على ما يبدو أنها معطلات هيكلية تحول من دون تحرك قطار التطوير بالسرعة المطلوبة، ووجدت أن بعض المؤشرات الفنية والرياضية التي انتهى إليها هذا الرصد المجرد والثقيل في مبناه ومحتواه، قد ترددت كثيراً عندما أقدم اتحاد الكرة على تنظيم خلوات استمع فيها جيداً لكل الفاعلين، وأخذ كل زاوية رؤية لتحديد «فسيفساء» المشهد الكروي.
أعرف أن هناك استراتيجية متوافق عليها، لبناء كرة القدم بالإمارات بذات المقاربات العلمية التي يبني عليها البلد برنامجه التنموي الجديد والمتجدد، وأعرف أيضاً أن القيادة الرشيدة لا ولن تذخر عوناً ولا مدداً، لمساعدة الكرة الإماراتية على بناء مستقبلها القريب على أساسات فولاذية، لكنني أعرف مقابل هذا كله، أن لا تنمية للكرة الإماراتية في أمديها المتوسط والبعيد، من دون عزل العمل الهيكلي والقاعدي عن «إنفلوانزا» النتائج التي تضرب الصرح مثل الإعصار بين الفصول.
هناك حاجة إذاً لكثير مما أوصى به «الملف الثقيل» الذي أنجزه زملائي في القسم الرياضي، لضمان سيرورة العمل في كل الأوراش المفتوحة، وعلى رأسها الهوية الكروية.
وعندما نعامل كرة القدم وكأنها صناعة، فإن ذلك يلزمنا بعلمية التخطيط والمتابعة والتقويم التي لا تبقي مجالاً للهواية في تدبير الأوراش الثقيلة.
وعندما يجري التوافق على منظومة تكوين متطابقة علمياً ورياضياً وفكرياً مع جينات الشباب الإماراتي، بهدف تغيير بعض من طباعه وعاداته التي تتعارض مع المنهج الاحترافي في الإعداد، فإن ذلك يلزم اتحاد الكرة والأندية على حد سواء بتنزيل هذه المنظومة التنزيل الكامل، باستقطاب الكوادر المؤهلة وبتحديد أجندات محددة، وعلى الخصوص عدم الاستعجال في تقييم المحصلات الرياضية والرقمية، لقد اشتغلت فرنسا على متغير تكتيكي بسيط في منظومة التكوين لمدة 10 سنوات كاملة، لتقدم الجيل الذي قادها لأول تتويج عالمي سنة 1998، وقضت ألمانيا سنتين كاملتين بعد بطولة أوروبية كارثية عام 2000 في تحيين فلسفة التكوين لتعود أقوى إلى المسرح العالمي.
إن أقررنا بالحاجة لتغيير شامل، فلا بد من الصبر لكي يتغير المشهد.