أظنه المنعرج الأخير، ذاك الذي سيدخله «الأبيض» مضغوطاً ومتوجساً، عندما سيرحل تباعاً لمواجهة التنين الكوري الجنوبي هناك في سيول، ومنتخب «الأرز» اللبناني في صيدا ضمن الجولتين الخامسة والسادسة لتصفيات كأس العالم..
والقصد أن هذا المنعرج، الذي أصبح وعراً وخطيراً، إلا لأنه كان هناك هدر بشع للنقاط في الأربع مباريات الأولى، والتي لم يجن منها «الأبيض» إلا ثلاث نقاط، سيكون حاسماً في مسار التصفيات «المتشنج»، لأن إضاعة مزيد من النقاط، يعني بالتأكيد أن ما بقي من صروح الأمل للتأهل ثانية إلى كأس العالم قد تهاوت، أو بالأحرى انهار ما بقي منها، وما عاد هناك من أمل في الصعود إلى كأس العالم..
سيكون مثالياً، بل وغاية المنى وعز الطلب، أن ينجح «الأبيض» في العودة بالنقاط الست من رحلتيه هاتين لملعبين هما أشبه بـ «بركان»، لا تقذف ألسنته إلا الحمم الحارقة والشظايا المؤلمة، فلو أفلح «الأبيض» في تحقيق «العلامة الكاملة» هنا وهناك، فإنه بحسب رأيي سيسقط بطلقة واحدة الكثير من الطرائد، سيردم ما كان من فارق في النقاط مع المتصدرين للمجموعة، بل وسينضم إليهما في صدارة السباق، لتحقيق حلم التأهل إلى «المونديال»، وأيضاً سيشحن بالقدر الذي يكفي طاقة الأمل والثقة في النفس، التي تغطي على الصدع النفسي الرهيب الذي تسبب فيه الفوز الهارب في الجولات الأربع الأولى.
والسؤال المركب الذي يطل برأسه وسط كل هذه الفرضيات التي تتحول بمنطق السباق الشرس، وبقوة ما كان من هدر للنقاط، إلى حتميات، هو:
هل بمقدور الأبيض أن يفعلها؟
هل يعطينا منتخب الإمارات من خلال ما قدمه فنياً وتكتيكياً وذهنياً في المباريات السالفة اليقين، على أن بداخله قوة مختزنة يمكن أن تقلب الأمور رأساً على عقب؟
وهل استشعر اتحاد الكرة، وهو يبقي على مارفيك مدرباً، قدرة الرجل على إبداع فتحات فنية، تخرج «الأبيض» من قوقعته التكتيكية، بكل ما تصدره من احتباس حتى الاختناق؟ 
مع الإبقاء على مارفيك، لتدبير مباراتي كوريا الجنوبية ولبنان، كآخر فرصة، لن تكون بعدها لا مداولة ولا مماطلة، ولكن قرار مذيل بعبارة «يعتمد فوراً»، فإن المتغير الكبير الذي سجلته على لائحة «الأبيض»، وكان لا محالة شرطاً لتأجيل الإقالة، هو عودة «المايسترو» إسماعيل مطر والحارس العيناوي خالد عيسى. عودة لا أجزم أنها ستعيد بالضرورة غيمات الفرح لسماء «الأبيض»، ولكنها ستعيد الأمور إلى نصابها، ولربما تكون صدمة كهربائية تنعش قلباً توقف لفترة عن النبض. مؤكد أنها مهمة صعبة وشائكة، لكنها غير مستحيلة، بالنظر أولاً إلى المكنونات الفنية للاعبي منتخب الإمارات، وثانياً لكون المنتخبين الكوري الجنوبي واللبناني، ليسا معا بتلك الصورة الهلامية التي لا تجيز أي توقع بعودة «الأبيض» منتشياً بالفوز.