إن سما وارتفع في سماء آسيا هلال، فلا هلال كان في جمال وبهاء وروعة الهلال السعودي، نيزكاً من نوره تضاء الأكوان..
وإن كان للكرة الآسيوية عيد به تحتفي، فلا هلال يبشر بمقدم ذاك العيد غير الهلال، إن اكتمل فهو بدر تسير في ركابه النجوم، لا تحجبه السحب ولا تطويه الغيوم..
ما شاهدناه بالأعين المنبهرة في استاد الملك فهد الدولي برياض الخير، هو مقطوعة من سيمفونية كروية ممتدة في الزمان، كتبها الهلال بمنتهى النخوة والدلال، وأسمعها في تلك الليلة الهلامية لكل سابح في دنيا الجمال، صوت يطلع على المدى الأزرق ليقول لنا، هذا الذي سمعتموه هو الحقيقة لا الخيال، لقد أودعت آسيا سرها وسحرها في الهلال، فريق غدا بإنجازاته مضرباً للأمثال، مفخرة لكل الأجيال.. 
إلى النهائي الحلم جاء الهلال واثقاً من قدرته على كتابة التاريخ، فأبداً لم يكن نجوم الأزرق ليغفروا لأنفسهم، أن تنتهي الليلة مظلمة بلا ضوء للهلال، أن تنتهي الإليادة من دون خاتمة زرقاء، لذلك كان لابد من وضع بوهانج الكوري الجنوبي تحت الضغط لخنق أنفاسه ولإرباك كل محاولة منه للدخول في أجواء المباراة.
ولأنه الهلال الذي يستمد قوته الخارقة من اسمه ومرجعيته، ومن صدى الأسطورة الصاعد من أنفاس لاعبيه، فإن ما سيأتي في بداية البدايات شيء لم نحدسه أو نخمنه، الشاب ناصر الدوسري يكسر هجمة كورية، يتوغل بجرأة عالية في الأحراش وبيسرى تذكر بالمدفعجيين التاريخيين، صوب كرة من لهب سكنت المرمى بمنتهى الأدب لتضع الهلال في توقيت ما أروعه، في مقدمة القطار، هو من سيحدد سرعة السفر، وهو من سيقترح أي جلباب تكتيكي سيلبسه هذا النهائي..
من النهائيات بمثل هذه الحمولات والبشارات التكتيكية، وحتى البدايات المربكة شاهدت الكثير، لكن ما أدهشني حقيقة في الهلال أنه ارتفع بمنظومته عالياً فلم يجعلها هدفاً لغارات الفريق الكوري، صحيح أن بوهانج قد أفاق من صدمة الهدف المبكر، حاول إيجاد المداخل الحقيقية للمباراة ليمسك بناصيتها، بل وحاول أن يخترق هندسة اللعب الهلالي ليصيبها بالتلف، إلا أنه لم ينجح في ذلك، لأن لاعبي الهلال بتوجيه ولا أجمل من مدربهم البرتغالي ليوناردو جارديم، أحكموا السيطرة على المباراة، أغلقوا المنافذ وجروا الفريق الكوري إلى مبارزة تكتيكية في المساحات التي لا ماء ولا زرع فيها، وعندما أيقنوا من أن منافسهم خارت قواه، واستبد به القلق من احتراق الدقائق واحتضار الحلم، وجهوا الضربة القاتلة بواسطة ماريجا، لتقول آسيا  لا يوجد كوكب تزدان به سماؤها غير الهلال، ولا يوجد بطل تفخر به «القارة الصفراء» غير الهلال ولا سفير يحمل الأحلام والمنى للمونديال غير الهلال..
هنيئاً لزعيم نصف الأرض، لهلال يسافر حبه فينا بالطول والعرض.