قلنا في المقال السابق إن الشعر في دولة الإمارات حقق مكانة طيبة وعالية وسجل حضوره القوي على الساحة العربية من خلال أسماء كثيرة تركت بصمتها الفنية في هذا النوع من الأدب حتى أصبح رصيد منجزنا الشعري مصدر اعتزاز، وصار لزاماً أن يتم تقدير هذه التجربة وإضاءة جمالياتها العالية.
اليوم، ونحنُ نحتفل بمرور خمسين عاماً على تأسيس الإمارات العربية المتحدة، نتطلع إلى الخمسين عاماً المقبلة، ونريد للشعر الإماراتي أن يحقق حضوره المطلوب على المستويين العربي والعالمي. ومن متابعة شخصية لمستوى حضورنا في المحافل والمهرجانات والمجلات الأدبية حول العالم، أستطيع أن أصف هذا الحضور بأنه شحيح جداً، ولا يكاد يُذكر وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق. من النادر أن تجد عملاً أدبياً إماراتياً مترجماً إلى لغات العالم المختلفة، أو على الأقل الرئيسة منها مثل الإسبانية والصينية والإنجليزية والهندية. نعم، كانت هناك محاولات في الماضي لبعض المؤسسات التي قامت مشكورة بترجمة نصوص إماراتية. وهناك جهد طيب قدمه د. شهاب غانم وآخرون في الترجمة بمجهودات شخصية، لكننا نحتاج إلى المزيد. يحتاج شعراء الإمارات إلى نقل نصوصهم الإبداعية إلى لغات العالم كافة. لدينا أسماء شعرية مهمة، ونتطلع إلى المؤسسة الثقافية لأن تبادر بتبني مشاريع ترجمة مدروسة لتحقق حضورنا الشعري في العالم.
على مستوى الساحة المحلية، أحلمُ بتكوين روابط بين شعراء الإمارات وشعراء الجاليات الأجنبية الكثيرة التي تقيم في الدولة. وأن تكون بيننا وبينهم نشاطات وقراءات شعرية مشتركة. كما أحلمُ أن يتم تطوير النظام الأساسي لاتحاد كتّاب وأدباء الإمارات بحيث يقبل عضوية الشعراء الإماراتيين الذين يكتبون نصوصهم باللغة الإنجليزية أو بأي لغة أخرى، ومثل هؤلاء كثر بين جيل الشباب، وربما في المستقبل يُفتح الباب لقبول عضوية الأدباء من الجاليات الأخرى، ويأخذ هذا الاتحاد صبغة عالمية في المناشط والفعاليات ويمتد تأثيره إلى كل الجهات. وأحلم أن تكون دولة الإمارات مقراً لأحد الاتحادات الأدبية العالمية.
حاجة أخرى ملحّة جداً لتطوير الحركة الشعرية في الإمارات، وهي خلق وتقديم المزيد من الجوائز الأدبية في مجال الشعر. هذا المجال الخصب في تحفيز الشعراء قد يثمر في تنشيط حركة تداول كتب الشعر، ويعرّف أكثر بالأدب الإماراتي، ويبث روح التفاؤل والإبداع في جيل الشعراء الجدد.
أيضاً.. هناك حاجة إلى وجود مهرجان سنوي للشعر في الإمارات. يدعم حركة النقد والنشر ويرفع صوت القصيدة إلى فضاء وجودها المطلق.