خمسون عاماً والإمارات تراكم إنجازها الحضاري والتنموي برؤية واضحة وإدراك عميق للواقع العربي وللمحيط الإقليمي والدولي.. هناك رؤية متكاملة في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية هي التي أسست لاعتلاء الإمارات هذه المكانة المشرّفة بين الأمم، وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، كان إنسان الإمارات منسجماً في توجهاته ورؤاه مع رؤية الدولة، لا تعارض في الفعل والقول، أو بين هذا الحقل أوذاك.. كلنا نشرب من نبعٍ واحد هو حب هذه الأرض والتمسّك بصونها والحفاظ على منجزها.
جاء الآباء المؤسسون ليرسخوا قيم الأخلاق العربية الأصيلة وسماحة الدين الإسلامي بعيداً عن التعصّبات العرقية أو القبلية أو الدينية، وكان الإنجاز الأكبر هو نشر التعليم في كل البيوت وبين الجميع كباراً وصغاراً، وهذا أسس بدوره إلى دخول العلم والثقافة والمعرفة في منظومة قيم الإنسان الإماراتي ورؤيته لمستقبله.
يحق لنا اليوم، ونحن نتباهى بمنجزاتنا، أن نفتخر بوجود هذا الكم من العلماء والمبدعين والأدباء والأطباء في كل المجالات، إنها لحظات جني ما زرعته يد المحبة في الثاني من ديسمبر 1971، عندما اختار الجميع أن يقفوا يداً واحدة من أجل بناء وطن ينعم فيه الجميع بالأمن والسلام والرغبة في تحقيق الأحلام المستحيلة.
بالأمس، شاهد العالم دولة الإمارات وهي تُعيدُ منظومتها التشريعية لتصبح أكثر موائمة لمتطلبات المستقبل، وإلى البناء والعمل برؤية واضحة نحو الاحتفال بمئوية الدولة في عام 2071. 
هذه الخطوة تبدأ من اليوم، من جيل المؤسسين الثاني الذي استكمل مسيرة البناء وقاد سفينة الاتحاد وسط تحولات سياسية واقتصادية مخيفة أحاطت بالوطن العربي والمنطقة، لكن بفضل وجود (البيت المتوحد) والتلاحم الشديد بين الشعب والقيادة، تصدّت الإمارات إلى جميع هذه التحولات وأكملت طريقها بأمان نحو المستقبل إلى أن أصبحت اليوم حلم كل الشباب العربي.
بناء المستقبل، هو فعلٌ مستمرٌ نمارسه اليوم، وهو أيضاً الدخول في سباق بلا نهاية، وما يميّز الإمارات أنها خلقت روح التحدي في فكر أبنائها ودفعتهم إلى اقتحام مجالات التنافسية العالمية لتحقيق المراكز الأولى في كل المجالات، وعلى هذا المنهج سوف يتواصل السعي خلال الخمسين عاماً المقبلة لتصبح الإمارات الأولى عالمياً كوطن للجميع، ينعمُ فيها الناس بحب الجمال والتعايش والأمان الروحي والفكري.
شكراً لكل يدٍ زرعت وبذرت الخير في هذه الأرض الخيّرة.. شكراً للأمل الذي سقى قلوب أبناء هذا الوطن وسرى في وجدانهم مثل نبضِ أغنية سامية.