هكذا تفعل القرح الدامية في عروق من تأزموا، ومن تحزموا باليأس مداداً يشفي يأسهم، ويطفئ غليلهم، هكذا يعتصم بالغوغائية والعشوائية من فقد البوصلة لحل العقد الشوفينية، ومركبات النقص والدونية.
فعلها الحوثي بدم بارد، وضمير تخلى عن إنسانيته عندما فرت طيوره المهزومة، إلى حيث يهجع الآمنون، ويستقر المسالمون، ويعيش العزل، في مواطن العيش الكريم.
فعلها الحوثي، وهو يعلم علم اليقين بأن من أصابهم حقده هم مدنيون، سلاحهم العفوية، وقضيتهم العمل من أجل كسب لقمة العيش، فلا ناقة لهم ولا بعير فيما يكنه هذا الفصيل المتمرد، القابض على لجام الكراهية لكل ما هو حي على الأرض.
فبعد أن هيضت قدراته على أرض اليمن الشريف، بات في الهمجية يشحذ سيوف عبثيته، في وجه الحقائق لعلها تحميه من مشاعر البؤس، والرجس البخس، التي باتت تهيمن على فلوله الرعناء، وتضرب نخاعه بسهام الهزائم المنكرة التي تلاقحت في ميادين المواجهات، والعالم يسجل كل يوم عدد العظام التي تتكسر، والرؤوس التي تتحطم على أيدي الشرفاء من بني اليمن، معضدين بسواعد شباب دول التحالف، وفي مقدمتهم أبناء الإمارات الذين ما توانوا عن صد تتار القرن الواحد والعشرين، وما ادخروا جهداً، دماً من أجل استعادة الحق إلى أصحابه.
لن يكون عبث العابثين مثاراً للشك في أن الإمارات ماضية في مشروعها الإنساني، والعربي والإسلامي، ولن تقف هذه الأعمال البهيمية عثرة في طريق من آمنوا بأن الحياة لا تتوقف عند الأضداد الهزيلة، ولا يزيدها العنف الهمجي إلا إصراراً على مواجهة الأوغاد بكل ما أوتيت بلادنا من قوة، وهي تملك ما يصد، ويردع، ويمنع، ويدفع عن الأشقاء كل مكروه، ومنبوذ.
نعم لا شك بأن الدم البشري غال، ولكنه ليس أغلى من الأمن والكرامة، ولا أنفس من الشرف الرفيع، لا شيء أثمن من حرية الإنسان، وعندما أعلنت الإمارات عن وقوفها إلى جانب الأشقاء كانت على يقين بأن الحرب ضد المفلسين، «الإرهاب الحوثي» لا بد وأن يتبعها تصرفات غبية، وهذا هو ديدن كل الذين أعلوا شأن الشوفينية والطائفية، على حساب الوطن، ولذلك لم نندهش بذلك الفعل الشنيع، والتصرف المشين، لأن هذا هو سلوك هذه الفئة الضالة، والتي لا تعرف للقانون الدولي مكاناً، ولا تهتم بمصير البلد الذي حولته إلى ساحة صراع، يدير دفتها كل من يحقد على العرب، وكل من يكن لأرض العروبة البغض، ومهما حدث فإن الحق لا بد وأن ويعود لأصحابه ما دام هناك من يطالب به طال الزمن أم قصر، ولا بد وأن يكتشف هؤلاء القصر في يوم بأنهم تحزموا بحبال مهترئة، ووثقوا برباط مليء بخيوط شائكة.