كم نحتاج إلى الفرح كما يحتاج الليل إلى النجمة كي تضيء فناءه، وكما يحتاج البحر إلى الموجة كي تسعد زعانفه، كما تحتاج الغافة إلى بريق عيون الطير، كما تحتاج النخلة إلى عناقيدها كي تلون حياتها بالبهجة.
في كل يطوي العالم عباءة إخفاقاته، ويشعر بالأمل، ولكن عشاق الحزن، يأبون أن يتركوا النوافذ مفتوحة كي يمر النسيم على الأعطاف، ويحرك أجنحتها، وكي ترقص طيورها فرحاً.
في كل يوم تسقط فيه ثمرة ذابلة، نقول لقد جاء الفرج، ولكن سرعان ما تخطف أمنياتنا، خزعبلات العبثيين الذين لا يهنأ لهم خاطر من  دون الخربشة على وجنة الكون، ليصير شائهاً، مغبراً، لا يصلح لأن يكون مآلاً لابتسامة مضيئة.
بعض الشرائح، بعض الفئات، من الناس مثل الخنفساء لا يطيب لها المقام إلا في جلة الروث، ولا يستقيم لها حال إلا تحت رائحة دخان الحرائق، الأمر الذي يجعل مستقبل البشرية مرهوناً بزوال هذه الآفات، وتلاشيها، وتواريها خلف حجب العدمية، واندثارها بعيداً عن مواطن البشر.
اليوم، لقد أصبح جلياً ما تقوم به بعض المخالب الشرسة، والأنياب الصفراء، من سلوكيات تتنافى مع القيم الإنسانية، وتتعارض مع الشرائع السماوية، والقوانين الأرضية، لأنها أعمال تنتمي إلى الغاب، وهي الطريقة التي نراها في أماكن مختلفة من العالم، وهي الحياة التي يعانيها الملايين من البشر في مختلف بقاع العالم، لأن من بين ظهرانيهم توجد ذباب الـ «تسي - تسي»، هذه الحشرة الضارة بالإنسان، وبمستقبل الحياة على الأرض، لأن مثل هذه الآفات - البشرية - لهي الأشد فتكاً من مجمل الأوبئة التي يتعرض لها البشر على مدى السنوات والقرون، لأن للأوبئة لا بد من العثور على دواء مهما تعقدت أساليب العلاج، ولكن الوباء البشري لهو الأمر الصعب والعسير، لأنه وباء محكم بعقل مريض ومتأزم بأفكار مغلقة، وحلزونية، وشائكة، لأنه وباء مبني على أيديولوجيا مسيرة بالريموت كونترول ليس من السهل معاينة مصادرها، إلا بتدخل ميكروسكوب عتيد، قادر على الفحص، والتمحيص، والبحث الدقيق لما يدور ما تحت الجلد، وفي خلايا الدم.
الإنسانية بحاجة إلى وقفة ضمير، وإلى عقل انتصر للمنطق، ولفظ الأفكار المسبقة، الإنسانية بحاجة إلى جلسة حوار عالمي، تناقش هذه العبثية التي تهدد البشر بالزوال إذا لم يتم التخلص من الأعشاب السامة التي تتوغل في عروق المجتمعات، وتحتجز الهواء النقي عن الصدور.