من جمالية الحس البشري أن نذكر صفوة الناس ومكارمهم الشاملة غير الناقصة، شخصيات مهيبة في صفاتها وحبها في التجلي الأخلاقي المقترن بالتواضع، هذه الشخصية تزداد حفاظاً على القيم الإنسانية، وعلى مر الزمن تتوهج بسحرها وشغف العمل بصمت. هذه الشخصيات المحورية قليل من يسلط الضوء عليها، فالرجل الذي التقيته قبيل أيام، أعاد الذاكرة إلى سنوات من عمله في قيادة شركة «أدنوك للتوزيع»، شخصية مثقفة ورائدة في الابتكار وازدهار المعنى الإنساني، إضافة إلى عمقه البدوي المحافظ على الفروسية والشعر. شخصية تمتلئ بكثير من الصفات التي يتحلى بها، وذات يوم منحني الثقة مبكراً، بإعادة مجلة الشركة للصدور، وبتمكن رصين، لتضيء مجلة الرمز، وتفتح حينها نوافذها الثقافية على عالم البترول والاقتصاد ومجتمع الكلمة ونشاطات الشركة المجتمعية.
ولتصبح دورية ثقافية ذات بريق، تخاطب القراء والصحافة المهتمة والمهنية، كان عملاً يتطلب الكثير من الجهد والدعم الإداري، كونه عملاً موازياً لعمل لشركة، وكان لابد أن يترجم الطفرة العصرية في بناء المحطات البترولية، بشكلها المبتكر، والمقترن بتراث البيئة المحلية.
عبدالله سعيد البادي بعد سنوات من تقاعده، بدا في هدوئه كما لو يبصر الكثير من المخرجات ويعانق البحث عن النجاحات الجميلة والمؤثرة، كما لو ترك في كل شخصية عملت معه صورة ماثله بالجدية، في التحدي الزمني، كان ذا شخصية مبهرة، في انطلاقته، وفي حديثه تعرف معنى القرار وثقله على كيفية ترجمته بالطريقة المثلى، كان يضفي صفات القيادة على محيطة، لترجمة ما يمكن نجاحه، وبحكم بداية التسعينيات كان الرهان على التكنولوجيا العصرية، فاستعان بالخبرات أياً كانت صفاتها واختصاصها لتنفيذ ما يمكن تنفيذه، وبإصرار على جوهر العمل وتحدياته وإبرازه مجتمعياً، كون إيمانه بأن العمل المتلاحم مع المجتمع جزء منه، فكان سباقاً في كيفية ترجمة هذا الرقي من المنظور الوقتي في تذليل الصعوبات والمسافات. ولا ننسى البعد الإنساني لهذا الرجل، وكان يصوغه بشكل جميل، كون العمل الإنساني غرساً جميلاً من صفات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فكان الكل يعمل بمنهاجيته في ترجمته خير ترجمة.
التقينا أنا وزملائي هذه الشخصية الفذة في جوف الوثبة، ووسط الصحراء، حيث دعانا هناك إلى مكانه المفضل بعد مدارات سفره الكثيرة، فمن حوله معالم الحياة وشغفها وذاكرة أيام تداولها أصبح جزءاً من الماضي، لكن تظل رسالته أمداً بعيداً تترجم بلغة مختلفة وسياقات لا زالت ظاهرة. المهم أنه شخصية من هذه الشخصيات التي حولت الماضي إلى حاضر يقتدى به وبظاهره الجميل المتشكل بعناية أمام القادم.