مدن تفتح ذراعيها للشمس والريح والفن، مدن أبوابها مشرعة أمام حرية وجمال الوقت، أن تمتطي لحظاتك وزمنك المنطلق نحو الجمال وزرقة البحر، ترحل في الأزقة المحاطة بالورود وتعرجات الدروب الضيقة وسط مدينة الإبداع والفنون، قبلة كل من يعشق الحياة ويقدر جمال المدن الساحر، مدينة يمكن أن تقف على حافة البحر وعلى صخرة عالية وتشاهد غروب الشمس وسراب المدن الأوروبية البعيدة، مسافة ليست بالكبيرة إن عبرت البحر لتضع قدمك على شواطئ وسواحل إسبانيا، ثم تحلم بإرث قديم تركه في الأندلس أسلاف رحلوا ولم ترحل آثارهم، مدينة صغيرة، ولكنها أروع من مدن ضخمة وعريقة، ولكن للحرية والجمال والخصوصية البديعة ولقاعدة الفن والإبداع أثر عظيم في عشاق الحياة، إنها طنجة تحضر عندما تغيب المدن أثر ضجيج الحياة وانشغالات الوقت. 
مدينة الجمال والفن لها ما يشبهها من الأماكن يمكن أن تصعد وتنمو وتزدهر إن تحررت من القيود، وإن كان لها خصوصية الحرية المطلقة في إبداع الفنون، وحرية في اختيار كل شيء يرغبه ويحبه الناس ومبدعو الجمال والثقافة والفنون، وإن كانت ساحة مفتوحة للإنتاج الإبداعي، بها المسرح وقاعة الفنون وصالات العرض والسينما ووسائل الترفيه التي تدعم المدينة ومشروعاتها الثقافية والفنية، هنا يمكن أن تظهر أكثر من مدينة، إن نالت ما حصلت عليه طنجة الجميلة من خصوصية لتكون مدينة الثقافة والفنون والموسيقى وحرية أن تتحول المدينة وأزقتها وساحاتها إلى جداريات فنية. 
مدينة مثل خورفكان الجميلة أظن أنها مؤهلة أن تصعد خطوة خطوة نحو مدينة المسرح والفن والتشكيل والموسيقى، روعة المكان وخصوصية هذه المدينة المحاطة بالجبال التي تحتضن البحر وهدوء الخور ومساحتها الصغيرة تجعل منها مكاناً بديعاً لبذر مشاريع ثقافية وفنية، بل إنها خلال الفترة الحاضرة آخذة في تأسيس مكان جميل للإبداعات والعروض الفنية، وإعدادها أن تكون منصة ومنطلقاً للفنون، تجربة جميلة والاستمرار والدعم وحده سوف يثمر وفي المستقبل ربما تصبح قبلة لكل الفنون، خورفكان ذاكرة تاريخ البحر والسفن القديمة ومحطة الانطلاق إلى الموانئ البعيدة في عهدها القديم، من الخور إلى السواحل الأفريقية والموانئ العامرة في بحر الخليج العربي، كانت هي المنارة العالية والواضحة للسفن العابرة إلى مدن آسيوية كثيرة، دار الزمن لتصبح ذاكرة ناس وبحارة توزعوا في مدن الخليج العربي، ثم عادوا بعد أن أشعلت كفوف الخير والعطاء مناراتها القديمة، واليوم ينيرون الشوارع والأزقة ويعمرون البناء، بل الآن يدفع بالخور لتكون هذه المدينة الجميلة محطة للثقافة والفن والإبداع، كفوف الخير والعطاء وحب الحياة والجمال سوف يسجل لها التاريخ والناس ذاكرة لن تمحوا أبداً. 
أتذكر أول مرة تحملنا رحلة مدرسية إلى هذه المدينة، كان المساء عجيباً ومبهماً، يأتي الليل وتطبق عليك الجبال بظلام مخيف، خاصة لنا، نحن سكان السواحل والأرض المفتوحة، لا إضاءة في المدينة غير للمساكن وللدور والسوق الصغير، الآن خورفكان لؤلؤة ضوء وشعلة أنوار بفضل من أنار القلوب والدروب وزرع الثقافة والفن والإبداع في كل مدنه الجميلة.