يُعرف بعض المدربين بحدة مزاجهم، فإن شبوا على مبدأ ظلوا ثابتين عليه، لا يستكينون ولا يتنازلون، وإن أكرهوا على ما دون ذلك فضّلوا الموت كالأشجار واقفين، وحرروا على عجل استقالتهم، ليسلم كبرياؤهم من كل أذى.
وقد يكون وحيد خليلودزيتش المدرب البوسني الذي قاد منتخب المغرب لموندياله السادس عبر التاريخ، والثاني على التوالي، من هذه الطينة من المدربين الذين لا تنطبق عليهم مقولة «لا تكن ليناً فتعصر ولا تكن قاسياً فتكسر»، فهو دائم التصلب والتجهم والثبات على المبدأ حتى لو قاده هذا المبدأ للتهلكة.
وحيد، هو من المدربين الذين نجحوا في تأهيل أربعة منتخبات مختلفة لأربعة مونديالات متتالية، أهّل كوت ديفوار لمونديال جنوب أفريقيا 2010، وأهّل منتخب الجزائر لمونديال البرازيل 2014 وقاد منتخب اليابان لمونديال روسيا 2018 واليوم يؤهل أسود الأطلس لمونديال قطر، وقلة من المدربين من فعلوا ما فعله، إلا أنه قد يكون أتعس مدرب في العالم، إن انتصبت المتاريس في وجهه، ولم يعرف له طريقا للمونديال القادم، فستكون المرة الثالثة التي لا يصل فيها مع منتخب أهله لكأس العالم إلى العرس الكروي الكوني، فقد بلغت علاقته مع اتحاد الكرة المغربي حالة من التشنج القوي، الذي قد يقصم ظهر العقد، وينهي الارتباط، ويفسد الود وحتى القضية، وكل ذلك بسبب تعنته وعناده الذي يصل حد الخيلاء.
لا أحد ينفي عن خليلودزيتش، أنه نجح مع أُسوده في عبور مسالك التصفيات المونديالية بعلامة استحقاق شبه كاملة، ولا أحد يشكك في احترافيته التدبيرية، فقد أحكم السيطرة على مستودع الملابس، وطارد من كان يسميهم بخفافيش الظلام، إلا أن المغاربة يؤاخذونه أشد ما تكون المؤاخذة على أنه أمعن في إذلال لاعبين كبار من أمثال زياش والمزراوي، وحمد الله، أوصد باب منتخب المغرب في وجوههم بسبب ما قال إنه سوء سلوك، والحال أن لا وجود لعقوبة أبدية.
وكان المتغير الكبير في مسلسل التصادم بين وحيد والصحافة المغربية، أن خرج فوزي لقجع بعد التأهل للمونديال، ليقول أن لا أحد بمن فيهم خليلودزيتش يمكن أن يوصد الباب في وجه لاعبين مغاربة، فضلوا بلا مزايدة قميص منتخب بلدهم الأصلي على منتخبات دول الإقامة، وبالتالي، فإن وحيد سيخيّر بين رفع الحظر عن النجوم المبعدين ليصل مع الأسود للمونديال، وبين أن يثبت على موقفه، ويكون جزاء ذلك إعلان الطلاق، وهو ما يلوح فعلاً في الأفق، بعد أن أجاب وحيد صحيفة كرواتية عن سؤال الإشاعات التي تطارده بإقالته في حال تصلّب في موضوع عودة زياش ومزراوي والآخرين، بالقول: «هل تعرفون من أين أتيت؟ من جابلانيكا البوسنية المشتهرة بالجرانيت، فأنا صلب مثل ذاك الجرانيت».