حزن قلبي عليه لا يحدُّ. ودموعي لم تكف عن التساقط أسى وألماً حين علمت خبر وفاة سيد الإمارات ووريث زايد المجد والخير والعطاء، المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان (رحمه الله وأدخله فسيح جناته)، الذي جعل من الإمارات عبر سيرورة حياته منارة للتقدم والتطور، وحضناً واسعاً دائماً يحتوي كل من حظي بالوجود على هذه الأرض المباركة التي أكرمها الله العلي القدير بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيب الله ثراه) الذي وحَّدَ الإمارات السبع، وجعلها نبض قلب واحد ومنارة تشع وتضيء الحياة على مدى السنين حاضراً ومستقبلاً.
حين تلقيت خبر وفاتك يا سيد الإمارات انثال دمعي وتصاعدت خفقات قلبي، حتى ظننت أنني أوشك على المغيب، لكنني حين غفوت قليلاً رغم الحزن والأسى لاح لي فيما يشبه الرؤيا أنك قلت: هذه وصيتي إلى كل من أحزنه فقدي، وظن أنني لم أعد سوى جسد يحتويه التراب، لكنني حي في قلوبكم وذاكرتكم، فالمجد للإمارات ولكم المحبة والسلام منذ ابتداء ولادتي حتى هدوء الظلام. فلا تقفوا أمام قبري وتندبوا فأنا لا أرقد تحت هذا التراب أنا في جنة الرحمن الرحيم. أنا في آلاف الرياحِ إذ تهبُّ عليكم في حنين المواسم. أنا في بريق اللؤلؤ والذهب حين يلتف بالمحبة حول أعناقكم. أنا في تفاصيل بيوتكم الجميلة، وبين طوايا قلوبكم المحبة. أنا في ذاكرة السنين وخطى أطفالكم. أنا في رقةِ المطرِ السخي حين يهطلُ بالخصب على أرض الإمارات. أنا في عمق الجذور واخضرار الغصونِ. في يقظة قلوبكم حين تنهض في ذاكرة الحب. أنا في امتداد أحلامكم حين تخطون بها بشائر المستقبل. أنا في همسة العشب وفي هدوء السكون وفي امتداد الأفق والنسيم الرهيف. فعندما تستيقظون وتسيرون في هدأة الصباح أنا في خفق أجنحة الطيور إذ تحلقُ عالياً، وفي رقة الندى وعطر الورد و الياسمين. فلا تجلسوا أمام قبري وتبكوا، فأنا في شعاع النجومِ حين تومضُ في عمق المساء. أنا في رعشة الخلقِ، في دهشة الحب وفي طوايا الغيب الرحيم. فلا تقفوا أمام قبري وتبكوا فأنا لا أرقد تحت التراب لأنني حي في قلوبكم الرحيمة رغم وحشة الموت، ورغم سنين الغياب.
انتفضت ونهضت ومسحت دمعتي وهمهمت: (قدر سيأخذنا إليه. وليس لنا حكم على القدر، فألف تعزية على ما يحكم القدر. وألف أمنية بالصبر والسلوان. لأحبابه وأبنائه وإخوته مديد العمر، ومقدرة على الأحزان والنسيان).