وسط الدعوات التي ارتفعت وتزايدت خلال الفترة الماضية لحذف أو حجب وإغلاق أحد التطبيقات الشهيرة في منطقتنا، جاء اجتماع مكتب تنظيم الإعلام في الدولة، بمسؤولة رفيعة للتطبيق «لمناقشة تشجيع نشر المحتوى الإيجابي على المنصة، وتعزيز آليات تطبيق معايير المحتوى الإعلامي المعمول بها في الدولة، على جميع ما ينشر على منصات التواصل الاجتماعي».
وبحسب الخبر الذي نشر عقب الاجتماع، فقد «أكد الجانبان على ضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة بحق أصحاب المحتوى الذي يتم الإبلاغ عنه، والتي تصل إلى إغلاق الحساب نهائياً، وهو الأمر الذي سيسهم في الحد من التجاوزات، والوصول إلى المخالفين، وإحالتهم إلى الجهات المختصة بالدولة»، حتى يقول القانون كلمته فيهم.
تزامن ذلك الخبر مع إجراء اتخذته سلطات إحدى الدول الشقيقة مع من اعتبرتا نفسيهما من مشاهير«السوشال ميديا» بتغريمها نحو 107 آلاف دولار، بعد نشرهما مقطع فيديو «خالفتا فيه ضوابط المحتوى الإعلامي» وحمل إساءة لبلد صديق، ورغم الغرامة الباهظة التي فرضت عليهما إلا أن أغلب ردود الفعل على الإجراء، تركزت على المطالبة بحرمان أمثالهما من المسيئين من الظهور في منصات «السوشال ميديا»، ففي ذلك أبلغ وأشد وأقوى ردع لهذه العينة من مرضى حب الظهور والشهرة على حساب قيم المجتمع ومصالح الأوطان.
الأصوات المتزايدة الداعية لاتخاذ عقوبات مشددة بحق المخالفين، تكشف أن غالبية المجتمعات قد ضاقت ذرعاً بهذه التصرفات والتجاوزات بعد أن اتاحت منصات «السوشال ميديا» لكل من أراد الشهرة السريعة الظهور، وتقديم توافه الأعمال وغريبها والمستهجن منها لاجتذاب المتابعين وزيادة أعدادهم، وهم- أي المتابعين- المسؤولون عن ظهور هذه النماذج المسخ والمشوهة لمجتمعاتنا وبلداننا.
أجهزة ودوائر تنظيم الإعلام مدعوة لتبني استراتيجيات وخطط تعتمد على تشجيع الجمهور، وبالأخص النشء والمراهقين، الإقبال على المنصات والشخصيات التي تقدم محتوى إيجابياً مفيداً، وإطلاق جوائز ومبادرات ومكافآت بالتعاون مع المنصات نفسها، وذلك إلى جانب العقوبات المشددة على المخالفين، من خلال إغلاق حساباتهم نهائياً وعدم تمكينهم من الظهور مجدداً ولو بأسماء وواجهات أخرى». الغرامات والحذف والإلغاء والحجب مطلوبة، ولكن تشجيع المحتوى الإيجابي هو الضامن على المدى البعيد ليطغى الثمين على الغث المنتشر والمتفشي كالوباء في المواقع التي تطل منها أيضاً نماذج غاية في الرقي والإيجابية تقدم كل مفيد وراق، وتسهم في إبراز الوجه الحضاري لمجتمعاتها. ومعاً نستطيع التصدي للتشويه والمشوهين.