الزخم الكبير الذي نشاهده في أروقة وقاعات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، يلقي الضوء مجدداً على أحد فصول «القصة الإماراتية الملهمة»، ويعبّر بوضوح عن جوهر نهضتنا الشاملة بمرتكزاتها العلمية والثقافية.
أكثر من ألف عارض من 80 دولة، وزوار يربو عددهم على 150 ألفاً، شاركوا في الفعاليات بدورتها الـ31، ليشكلوا حالة إبداعية فريدة، وتظاهرة فكرية حملت في مضمونها خلاصة الفكر الإنساني.
دلالات كثيرة يحملها هذا الزخم، لعل أبرزها: أن العاصمة تحولت إلى إحدى أبرز مراكز الفعل الإبداعي والمعرفي والثقافي بالمنطقة والعالم، ما يضيف للإمارات رصيداً جديداً من السمعة الرفيعة والاحترام الدولي.
أمر آخر لا تخطئه عين، وهو أن نجاحنا في بناء مجتمع محصّن معرفيّاً يحمل مستويات عالية من النضج الحضاري، جعل من بلادنا بيئة حاضنة ومثالية لصناع المعرفة وعشاق الكلمة وأقطاب صناعة النشر في المنطقة والعالم، ما يعني باختصار شديد زيادة فاعلية قوتنا الناعمة.
قد لا يعرف البعض أن الإمارات أول دولة في العالم تقرّ قانوناً للقراءة، كبادرة حضارية وتشريعية غير مسبوقة، وبأنها أعلنت مارس من كل عام شهراً للقراءة، وتبنت برامج لتحفيز الأفراد على علاقة مستمرة مع الكتاب، ووضعه في أولويات النشاط الإنساني.
ممتنّون لمركز أبوظبي للغة العربية الذي دأب على بثّ الجمال في نفوسنا، وهو اليوم يواصل دوره في ترسيخ صورة الإمارات كنموذج ملهم وفاعل يقود حركة الإبداع والثقافة العربية، ويعزز من ريادة بلادنا في قطاع المعرفة وصناعة المعارض واستضافة الأحداث العالمية، ليؤكد مجدداً السّير في معركتنا الكبرى لصالح الوعي والمسار المعرفي.
سيظل هدفنا الأسمى هو بناء حوار عقلاني وفكري في عالم أكثر تنويراً وإبداعاً وأقلّ عزلة واحتراباً وظلاماً، ليتخلل النورُ آفاقَ البشر ويسير بهم نحو دروب المعرفة، عبر مشروعات ثقافية مؤهلة للتأثير في الوعي الجمعي للشعوب، ذلك لأننا لا نسعى إلى جمع العالم فحسب، بل إلى رسم مسار مستقبله أيضاً.