لعلَّها واحدة من أجمل الأوقات والأزمنة التي تمر بها بلدنا في ظل هذه البشارات والنجاحات والتوفيق من الله في أمور كثيرة، ليس على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو البيئي فقط ، بل أحداث ومتغيرات تأتي مثل زخات المطر، كل الأمور تسير بتوفيق من الله وإرادة من يؤمن بالأرض والإنسان والحياة الكريمة والجميلة، عندما يعمل الجمال والخير والحب، فإن السماء والرب يوفق كل مساعيك ويقود أقدام الخير إلى الطريق المنير.
لم أزر أبوظبي منذ سبع سنوات، ولكن الصور الجميلة البديعة تصل القاصي والداني، والبعيد والقريب، أعمال جبّارة وجهود كبيرة تعمل ليل نهار لصنع مدينة الجمال والحب والفسيفساء، صحيح أن ليّ بعض المعارف في أبوظبي القديمة من غرب الحصن وتلك البيوت القديمة، ولكنها نهضت بها حياة التطور والتغير السريع وجمال البناء واتساع الأراضي وحب رملة البطين الفضية، فأصبحت المساحة التي أعرف البعض فيها بحكم الحياة القديمة وحب المعرفة الذي يمتد من بطين الفضة إلى أم سقيم الرمل، قد تغيرت كثيراً ولم أعرف منها غير القليل.
حكمتني ظروفي الخاصة خلال هذه الفترة الهامة بأن أكون في منطقة المرايا الجميلة «منطقة الريم أو جزيرة الريم»، وعلى الرغم من أنني شاهدت الكثير من الصور عنها سابقاً، ولكن لم أتصور أنها بهذا الجمال والتنسيق والتوزيع التي تزينها، الشوارع الجميلة والممرات المائية، كم من جهد بذل وتصورات وضعت لها حتى تظهر بهذه الرؤية والجمال، بعد أسبوع واحد فقط من ذلك يهل على أبوظبي معرض الكتاب بروعته وهدوئه وتنسيقه الجميل، كل الأخبار الآتية من العاصمة تقول: ربما يحقق نجاحات كبيرة وسمعة ممتازة، خاصة أن كبار الشخصيات في أبوظبي تسعى إلى نجاحه بقوّة، عندما تلتقي الثقافة بالرؤيا والرؤى والأحلام بأن تصنع من المدينة وردة وحضارة ووعياً تدرك أن العلم والثقافة والفن والحب ثم الموسيقى الخلاقة هي التي تصنع إنساناً محباً للحياة، للجمال، ولا ينشغل بغير الإبداع وحب الخير والإنسان والأرض والبلد، لتصنع إنساناً محباً لبلده وأرضه وعلمه وعمله يجب أن تعزز روح الجمال في داخله، ازرع شجرة ووردة وغابات نخيله في مخيلته وأحلامه، ازرع بساتين في الأراضي القاحلة، وبعد حين سوف يكبر الحب لكل شيء، بلد يهتم بالاخضرار والزراعة واستمطار السماء، وتفجير ينابيع الماء من جوف الأرض أو البحار أو السماء هو بلد المستقبل بلد الحب والجمال..
ظهرت في جريدة الاتحاد صورة قوية الدلالة، لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وهو يعاين ويتفقد غدير ماء للمطر في قلب الصحراء، وكأنه يقول: كل المهمات الكبيرة الحاضرة الآن لم ولن تجعلنا نزيح اهتمامات بلدنا عن البيئة والصحراء والبحر والجميل، الأرض والزراعة هي المستقبل وهي الأهم أيضاً من أمور كثيرة وكبيرة، سوف يكبر هذا الغدير وتنبت على جوانبه أشجار الخير، صورة تكاد تعيد نفسها ويتذكرها الجميع عندما ظهر المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهو يروي ويسقي أشجار النخيل بنفسه وكأنه يوصي بالنخيل والزراعة، حيث هي المستقبل.
حب الزراعة والعود إلى الأخضر وعشق الأشجار والبساتين والورد، لا يأتي بالمواعظ والتوجيهات فقط، وإنما الإعلان عن الحب بيد تغرس وقلب يعشق الخير وغرس الأرض بالأخضر.
غادرت أبوظبي الجميلة وطافت روحي مثل حمامة بيضاء برمل البطين، لم أشاهد في عقلي ومخيلتي غير رملة بيضاء أحضرتها تداعيات الحب والعشق القديم.