في الوقت الضائع، أخذ جمهور ليفربول ينشد: «لن تمشي وحدك أبداً».. بدأ الأمر كأنه ترنيمة حزينة نتيجة الصدمة الثانية خلال أيام، بعد أن خسر الفريق سباق البريميرليج العنيف أمام مانشستر سيتي، ثم خسر السباق الأوروبي أمام ريال مدريد، وفي رد فعل أخلاقي ورياضي وإنساني، وبعد أن طويت صفحة تلك الدراما، حظي الفريق باستقبال الأبطال عند العودة من باريس إلى مدينة ليفربول، وبدا الأمر هذه المرة كأنه «حفلة في سرادق عزاء»..!
كيف فعل ريال مدريد ذلك؟ كيف فاز بدوري أبطال أوروبا للمرة الرابعة عشرة؟ كيف تجاوز باريس سان جيرمان، ومانشستر سيتي، وليفربول، وقد كان الثلاثة هم الأفضل؟ لقد نجح الريال، فعلها، لكن كيف؟ هل هو الحظ؟ هل هي شخصية الفريق؟ هل هو تكتيك أنشيلوتي الحذر الذي يوصف الآن بأنه التكتيك الذكي؟
لا يمكن لأحد أن يفسر أين تكمن قوة ريال مدريد، لقد سدد ليفربول 24 تسديدة مقابل 4 للريال وضربت قذيفة ماني القائم، وسدد صلاح 9 تسديدات، 6 منها في قلب مرمى الريال، و2 تصدى لهما كورتوا بقدم وبيد الأخطبوط، وواحدة تسلمها صلاح ببراعة وسلاسة، وصنع فرصة ذهبية من لاشيء وفتح ثغرة، وسدد وهو يرى في تلك اللحظة أمامه هدفاً يهز شباك الحارس البلجيكي، لكن كورتوا ذهب إلى كرة صلاح بذراعه المغطى باللون الأخضر، وفي تلك اللحظة قفز ثلاثة من زملائه فرحاً واحتفالاً لهذا التصدي الرائع.
كورتوا رجل المباراة.. حصل على الدرجة النهائية من النقاد، وحصل صلاح على 7 من عشرة في تقييمات صحيفة الجارديان البريطانية، وفي شرحها للأسباب، قالت: «كان الانتقام داخل رأسه لحظتها».. والواقع أن الجارديان ظلمت صلاح بقدر ما أنصفت كورتوا.
أخرج من هذا الموسم الدرامي للكرة الأوروبية والإنجليزية، بطرح هذا السؤال: «بعد خسارة يورجن كلوب لسباق الدوري أمام بيب جوارديولا، ثم خسارة بطولة أوروبا أمام كارلو أنشيلوتي.. هل هو مدرب فاشل؟»
الإجابة: بالقطع لا.. إنه وجوارديولا أفضل مدربين في عالم كرة القدم الآن.. ولست من الذين يقيمون عمل المدرب بالبطولة، كما لا أقيم اللاعب الأفضل بفوزه ببطولة. فالبطولة يحققها فريق كامل من اللاعبين والمحللين والإداريين والأطباء وغيرهم، ولذلك أضع المدرب تحت منظار الأسلوب وما يقدمه من إبداع وقدرته على إدارة هذا الإبداع جماعياً.
** إن نتائج البطولات مهمة، فنياً واقتصادياً، وجماهيرياً على مستوى العالم، لكن تقييم المدربين بالنتائج فقط من أسوأ أنواع التقييم.. ويكشف عدم فهم لكرة القدم وما فيها من دراما.. كلوب مدرب رائع وليس مدرباً فاشلاً !