لن أختلف معكم، في أن من يعقد المقارنات والفوارق كأنها جبال تغازل السحاب، هو كمن يجري وراء سراب أو كمن يطارد خيط دخان، وأتفق أيضاً أن بعض المقارنات تكون في أحايين كثيرة ظالمة أو متعسفة، إلا أنني سأعقد مقارنة بين ما جاء به المشهد الختامي لدوري أبطال أوروبا الذي وضع في المواجهة ريال مدريد وليفربول باستاد دو فرانس بسان دوني، وما أتى به نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الوداد المغربي والأهلي المصري بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء.
ليس القصد أن نضع في ميزان القياس نوعية الأداء التكتيكي والفني لأي من النهائيين، فما يفصل الكرة الأوروبية بإرثها وتاريخها وعراقتها واحترافيتها عن الكرة الأفريقية ببساطتها وسذاجتها ومعاناتها في التحديث، بون شاسع لا يسمح إطلاقاً بمثل هذه المقارنات، ولكن القصد هو الهيئة التنظيمية لأي من النهائيين.
لم ير الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وهو يسحب النهائي الأوروبي من سانت بيترسبورج، عقاباً لروسيا على حربها المفتعلة مع أوكرانيا، أفضل من ملعب سان دوني بباريس ليكون وطناً جديداً لنزال القرن بين الريال والليفر، إلا أن ما تفجر قبيل المباراة، باقتحام جماهير للأبواب المحروسة بهشاشة مثيرة للاستغراب، وتأخر المباراة عن موعد انطلاقتها بنحو 36 دقيقة، وضعنا أمام مشهد فضائحي، يذكر بالمهازل التي رافقت في زمن بعيد نهائي الكأس ذي الأذنين الطويلتين، مشهد حذر منه البعض، عندما استقر الاتحاد الأفريقي على استاد محمد الخامس ليكون مسرحاً لنهائي الأميرة السمراء بين الوداد والأهلي، برغم الاعتراض القوي لمجلس إدارة نادي القرن، والذي وصل صداه لردهات المحكمة الرياضية الدولية، وصدر بشأنه حكم لا يقبل الطعن، ويقول بقانونية المساطر التي أفضت لاختيار ملعب الرعب بالدار البيضاء المغربية مسرحاً لهذا النهائي.
والحقيقة أن من بالغوا في الاحتجاج والاعتراض باسم مبدأ تكافؤ الفرص الذي أقحم في الجدل بغير وجه حق، بل وصدروا قلقاً مزمناً لمحيط وهوامش هذا النهائي، سيفاجئهم كما فاجأنا، أن المنظمين أحكموا الوثاق، وضيقوا الخناق على كل المنغصات، وأبدعوا في تأمين المعابر والأجواء ليكون فضاء النهائي سليماً ومنزوعاً من كل فتيل للاحتقان، ولنشهد نهائياً أفريقياً بين الكبيرين والعريقين الأهلي والوداد من دون أي هفوة تنظيمية وبهامش خطأ في درجة الصفر. 
نتفق على أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم يتعسف في تنزيل بعض القرارات التي لا تتمخض عن سابق تمحيص وعميق استقراء، ونتفق على أن هذا الاتحاد يعاني كثيرا لكي يتنظف من عناكب الفساد، لكن في تنظيمه الجيد لنهائي الأبطال بالدار البيضاء، كما هو حال تنظيمه لنهائي كأس الاتحاد بنيجيريا، يستحق أن يهنأ، لأنه فعل ذلك بأقل أخطاء مقدرة.