تحرص منتخبات كرة القدم على استغلال أجندة «الفيفا» الدولية لترتيب مباريات تجريبية مع مدارس مختلفة، لرفع مستوى تصنيفها أو الاستعداد لخوض منافسة كبرى مثل كأس العالم، وفي هذا الإطار لعب منتخب كوريا الجنوبية ثلاث مباريات ودية مع البرازيل وتشيلي وباراجواي، وهي تمثل المدرسة اللاتينية، ثم يستضيف اليوم منتخب مصر ممثلاً لقارة أفريقيا، وأثق أن منتخب كوريا في الجولة القادمة من الاستعداد لمونديال قطر سوف يواجه بعض الفرق الأوروبية.
خسر الفريق الكوري مباراة البرازيل بخمسة أهداف مقابل هدف، ومع ذلك مضى الإعداد في طريقه، ولم يرحل المدرب، وإنما جرت دراسة أسباب الخسارة الكبيرة، فالعمل في كرة القدم يتطلب دراسة وتحليل الهزائم، ودراسة وتحليل الانتصارات.. وهذا هو العمل بمفهومه الصحيح في لعبة هي أكبر من مجرد لعبة، وإنما اقتصاد وصناعة، وتعكس كبرياء الأمم، كما يقول علماء الاجتماع في تحليلهم لظاهرة كرة القدم. ومن المعروف أن خسارة المنتخب المصري أمام إثيوبيا في تصفيات الأمم الإفريقية أثارت في شارع اللعبة وأوساطها عاصفة من النقد، ومن الضجيج، ولم تكن المشكلة كما قال إيهاب جلال في غياب العناصر الأساسية، وإنما في فلسفة ممارسة كرة القدم في الأندية المصرية وفي المنتخب، فالفارق بين انتصارات الفريق الوطني المتوالية في كأس أفريقيا 2006 و2008 و2010، أن كرة القدم خلال 12 عاماً شهدت تغييرات معقدة ومنها الضغط العالي، الذي مارسه الوداد المغربي على الأهلي في نهائي أفريقيا، ومارسه الفريق الإثيوبي على المنتخب المصري، ولم يكن أسلوب الضغط العالي متبعاً بتلك الدرجة قبل عشر سنوات، وهو أسلوب ينهك المنافس، ويحرمه من بناء الهجمات ويحاصره أيضاً في ملعبه.
هذا بيت القصيد.. فإعداد المنتخبات يتطلب برنامج احتكاك مزدوجاً، قصير وطويل الأجل، ووفقاً لخطة مدروسة تجمع بين اكتساب خبرات من مواجهة مدارس متنوعة الأساليب، وفي الوقت نفسه تصنع أجيالاً جديدة من اللاعبين، والواقع أن اختبار مدرب للاعب فى مباراة ودية أو رسمية لدقائق، هو ليس اختباراً على الإطلاق.
التجربة الكورية الحاضرة أمامنا، تستحق الدراسة، لأن المنتخب الكوري من القوى الكبرى في آسيا، كما أنه من المنتخبات التي يمكن التعامل مع قوتها، ولا ننسى أن المنتخب الإماراتي نجح فى الفوز، قبل مواجهة أستراليا في الملحق، ثم الخسارة في مباراة حفلت بالندية وبالأخطاء بالطبع، لكن في النهاية يبقى الدرس المهم، وهو أنه لا تطوير في مستوى فريق أو منتخب دون خوض تجارب اختبارية كلما اتسعت المساحة للقاءات الودية.
** مواجهة المنتخب المصري اليوم مع نظيره الكوري قد تحسم مصير إيهاب جلال المدير الفني.. وتلك ليست إدارة علمية أو منطقية!